المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اعتكاف القلب والبدن


غرام الشوق
27-03-2021, 03:33 PM





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد:
فشهر رمضان شهر يجود الله فيه على عباده بالمغفرة والرضوان.
والرحمة والعتق من النيران, ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يُبشرُ أصحابه بقدومه
كما خرجه الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه, فهو زمان فاضل للتجارة الرابحة مع الكريم الرحمن.
وكل زمانٍ فاضلٍ من ليلٍ أو نهارٍ فإن آخره أفضلُ من أوَّله, كيوم عرفة, ويوم الجمعة وشهر رمضان
آخره أفضل من أوله, فالعشر الأواخر منه أفضل من العشرين الأولى، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم
يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها, كما خرجه الإمام مسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما, وفي الصحيحين
عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شدَّ مئزره, وأحيا ليله, وأيقظ أهله.
فينبغي التأسي بالرسول عليه الصلاة والسلام والاجتهاد في هذه العشر, بأنواع الطاعات
والعبادات, فقد كان علية الصلاة والسلام يخُصُّ العشر الأواخر بأعمالٍ لا يعملها في بقية الشهر.
ومن تلك الأعمال: الاعتكاف, وهو لُزومُ مسجدٍ لطاعة الله, لقوله تعالى : {وأنتم عاكفون في المساجد } [البقرة: 187]
والاعتكاف موجود في الشرائع السابقة كما هو في شريعتنا, قال تعالى:
{ وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود } [البقرة:121]
وقال سبحانه وتعالى: { وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ألا تشرك بي شيئاً وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود } [الحج:26]
والاعتكاف من أفضل القرب والطاعات, وهو سنة في رمضان, وتتأكد سنيته في العشر الأواخر منه.
وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان ليتفرغ لطاعة الله عز وجل ولإدراك ليلة القدر
التي من وفق لقيامها إيماناً واحتساباً فقد سعد وفاز, فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً, فقد غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه ) [متفق عليه]
الاعتكاف عبادة قلً من يقوم بها, مع أن رسول الله صلى الله عليه كان يعتكف العشر الأواخر
من رمضان حتى توفاه الله كما في حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين.
وبعض المعتكفين لم يتنبهوا إلى فقه الاعتكاف ومقصوده وروحه, فالنوم, وكثرة الخلطة والحديث مع الأصحاب
هو الغالب عليهم, فلم يستفيدوا كثيراً من اعتكافهم، قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
ينبغي أن يعلم المعتكف أنه ليس المرادُ من الاعتكاف أن يكون سحوره وفطوره في المسجد فقط, إنما المراد من الاعتكاف
أن يتفرغ للطاعة, وأن ينتظر ليلة القدر...ولا بأس أن يتحدث قليلاً إلى أصحابه الذين معه في الاعتكاف
أو الذين يدخلون لزيارته, فإنه قد ثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام كان معتكفاً فزارته صفية – إحدى زوجاته
رضي الله عنهن- لكن لا يعني ذلك أن يجعل الإنسان أكبر وقت في اعتكافه أن يتحدث إلى أصحابه
كما يوجد في بعض المعتكفين في المسجد الحرام, أكثر أوقاتهم التحدث فيما بينهم, فإن لم يكن فالنوم, نوم, وحديث
فأين الاعتكاف؟
الاعتكاف عبادة يزداد فيها المعتكف إيماناً, وتقوى صلته بالله عز وجل, ومن فوائد الاعتكاف:
* إدراك ليلة القدر, وفرق كبير, وبون واسع, بين من يدرك ليلة القدر وهو منشغل بدنياه في منزله وسوقه
وبين من يدرك ليلة القدر وهو معتكف في المسجد منقطع عن مخالطة الناس, متفرغ لمناجاة الله
وذكره ودعائه, لا تراه إلا مصلياً داعياً ذاكراً تالياً للقرآن, يرجو عفو الله, ويسأله أن يوفقه لقيام ليلة القدر
لسانه لا يفتر عن الدعاء الذي علمه الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنهما عندما سألته :
أرأيت إن وافقت ليلة القدر, ما أقول فيها ؟ قال: ( قولي: اللهم إنك عفو تُحبُّ العفو فاعفُ عني ) [أخرجه الترمذي]
* حفظ الصوم من كل فسوق ومعصية تُسمعُ أو تُرى أو تُقال.
* الصبر على طاعة الله, مما يُعينه بعد انتهاء الاعتكاف على الاستمرار على تلك الطاعات التي كان يفعلها في اعتكافه.
* العون على أداء العبادات على وجه ينتفع بها القلب لانقطاع المعتكف عن جميع الملهيات والمشغلات التي كنت تصده
عن أداءها كما ينبغي وهو خارج الاعتكاف, فمن وفقه الله وأعانه صلي بخشوع وطمأنينة, وقرأ القرآن الكريم بتدبر
ودعا بحضور قلب, وذكر الله بقلبه ولسانه.
* العون على أداء نوفل العبادات, من: السنن الرواتب وصلاة الضحى, والتقدم للصف الأول, والقرب من الإمام
ومتابعة المؤذن, والإتيان بالأدعية الواردة بعد الأذان والدعاء بعد الأذان, وإدراك تكبيرة الإحرام, والإتيان بالأذكار الواردة
بعد الصلاة والإتيان بأذكار الصباح والمساء, والبقاء - إن تيسر له- بعد صلاة الفجر في مصلاه إلى أن تطلع الشمس
وترتفع قيد رمح, ثم يصلى ركعتين, فقد جاء في السنة أن من فعل ذلك له فضل كبير.
فهذا المعتكف استفاد من اعتكافه, وهذا يكون لمن وفقه الله عز وجل, فأخلص في اعتكافه
وقلل من النوم, والخلطة, والحديث مع الناس, وتفرغ لطاعة الله عز وجل, وكان معتكفاً
بقلبه وجسده, وهذا هو روح الاعتكاف ومقصوده.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الاعتكاف..مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى وجمعيته عليه, والخلوة به
والانقطاع عن الاشتغال بالخلق, والاشتغال به وحده سبحانه, بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل
هموم القلب وخطراته, فيستولي عليه بدلها...فيصير أنسه بالله بدلاً عن أنسه بالخلق, فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة
في القبور حين لا أنيس له, ولا ما يفرح به سواه.
فطوبى لمن لازموا المساجد في العشر الأواخر من رمضان لطاعة الله إذ الناس غافلون وطوبى لمن كان من المعتكفين
منشغلاً بالعبادة والطاعة إذا رفاقه نائمون ساهون, وطوبى لمن سكب العبرات, وأكثر من المناجاة, وسأل الله العفو وكريم
الصفح, وطوبى لمن استمر بعد الاعتكاف على الطاعات والعبادات التي كان يقوم بها في اعتكافه, وطوبي لمن جعل
من طول مكثه في المسجد في الاعتكاف بداية أن يكون قلبه بعد الاعتكاف معلق
بالمساجد فيكون من السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة في ظله.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ




لـحـن
27-03-2021, 03:50 PM
بارك الله فيك ونفع بِك ..
على طرح موضوعك القيم
وأسلمت الايادي ويعطيك العافيه
تقديري مع احترامي.

رحــآل
27-03-2021, 09:13 PM
سلمت اناملك على روعة طرحك
الله يعطيك الف عافيه
:100 (113):

أمير المحبه
27-03-2021, 10:36 PM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

بقايا غصة
28-03-2021, 12:25 PM
بارك الله فيك
وجزاك الله خيرا على طرحك
وجعله الله في موازين حسناتك
شكري وتقديري لك

وليد
29-03-2021, 03:35 AM
جزاك الله خيرا
وبارك بك على طرحك الطيب
ولا حرمك الأجر

ملاذ الروح
29-03-2021, 03:57 PM
باارك الله فيك
ويعطيك العافيه على الطرح
المخملي والموضوع المثمر انتظر
القادم من طروحاتك بكل شوق ..!
تحياتي القلبيه لك

نزف القلم
30-03-2021, 10:56 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك
ونفعا الله وإياك بما تقدمية

نقطه
02-04-2021, 06:36 PM
https://files2.up4.cc/2020-12/160889088182481.gif

راعي المود
04-04-2021, 09:29 AM
http://up.ishqalyali.com/uploads/161598194167.png

ملكة الحنان
04-04-2021, 10:14 AM
جزاك ربي كل خير
وجعله ربي شاهدن لك يوم الدين
وبميزان حسناتك يارب

عاشق الغاليه
23-02-2023, 01:07 AM
دائماً لمساتك في القمة بها الابداع
والتميز الراقي تسحرعيون من يدخلها
فلقد استمتع ناظري هنا وعجزت
عن التعبير فماذا اقول لك غير أسعد
الله قلبك وفي طرحك الراقي
اراح الله قلبك و اسعدك

ندووشاا
16-05-2023, 07:01 PM
جزاك المولى الجنه
وكتب الله لك اجر هذه الحروف
كجبل احد حسنات
وجعله المولى شاهداً لك لا عليك
لاعدمنا روعتك
ولك احترامي وتقديري