المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير آية { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم }


نزف القلم
30-06-2021, 01:54 AM
قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30].
الغَرَض الذي سِيقَتْ له الآية: قطع بريد الزنا، وإغلاق الباب الذي تجيء منه أكثر الجرائم الخُلقية.
ومناسبتها لما قبلها: لما نهى عن دخول الإنسان غير مسكنه دون استئذان وسلام؛ صيانة للبيوت الإسلامية من أسباب الانهيار الخُلقي - أمر بغض البصر وحفظ الفرج؛ صيانة لعموم المجتمع الإسلامي من هذا الانهيار.
وأصل (الغض) الخفض.
و(غض البصر) قد يطلق على معنى: إطباق الجفن على الجفن حتى تمتنع الرؤية، كما يطلق على خفض الجفن الأعلى وإرخائه، وصرف النظر عن مكان نظرته الأولى حياءً وأدبًا وإن لم تمتنع الرؤية، ومنه قول كعب بن زهير رضي الله عنه:

وما سعادُ غداةَ البينِ إذ رحلوا ♦♦♦ إلا أغنُّ غضيضُ الطرفِ مكحولُ
ومما يحتمل المعنيينِ قولُ الشاعر:

وأغضُّ طرفِي إن بدَتْ لي جارتي ♦♦♦ حتَّى يُوارِي جارتي مأواها
وقول الشاعر:

فغُضَّ الطرفَ إنك من نُمَيرٍ ♦♦♦ فلا كعبًا بلغتَ ولا كِلابَا
وقوله تعالى: ﴿ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ يحتمل الوجهين، وإن كان المعنى الثاني أقرب.
ومقول القول - أعني: قوله تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ - محذوف تقديره: قل للمؤمنين: غضوا من أبصاركم يغضوا (http://www.lasaa7.com/vb/showthread.php?t=3515)من أبصارهم، ويغضوا مجزوم جوابًا لمقول قل المحذوف، فإنه فِعل أمر، وإنما حذف مقول القول لدلالة هذا الجواب عليه، وللإشعار بسرعة امتثال المؤمنين للأوامر.
ومن قوله: ﴿ مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ للتبعيض؛ لأن من النظر ما يباح، ولأن المقصود صرف النظر عن المحرم، وقد يحصل دون إغماض العين كلها، كما أن النظرة الأولى لا تملك؛ أعني نظرة المفاجأة، وإنما أمر بغض البصر؛ لأنه رائد الفجور وبريد الزنا؛ كما قال الشاعر:

كلُّ الحوادثِ مبداها مِن النظرِ ♦♦♦ ومعظمُ النارِ مِن مستصغر الشررِ
ومعنى: ﴿ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾؛ أي: ويصونوا ويستروا عَوْرتهم؛ يعني عن غير أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم.
ولم يقل: ويحفظوا (http://www.lasaa7.com/vb/showthread.php?t=3515)من فروجهم، لأنه لا يحل إبداء بعضها، ولا يجوز فضح شيء منها؛ إذ إن أمر الفروج مبنيٌّ على الضيق، كما أن صيانتها على أكمل الوجوه شيء ممكن.
والإشارة في قوله: ﴿ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ﴾ إلى المذكور من غض البصر وحِفظ الفرج.
ومعنى ﴿ أَزْكَى لَهُمْ ﴾؛ أي: أطهر لقلوبهم، وأطيب لنفوسهم، وأنقى لدينهم، وأنمى لأعمالهم وأرزاقهم، فمَن غضَّ بصره أنار الله بصيرته، ومَن حفِظ فرجه حفظه الله ووسَّع رزقه، فإنَّ الزنا يورث الفقر، وحفظ الفرج يُورث الجنة؛ ففي صحيح البخاري أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن يكفل لي ما بين لحيَيْه وما بين رِجلَيْه أكفل له الجنة))، والمراد بالذي بين اللحيين اللسان، وبالذي بين الرجلين الفرج.
والواجب على مَن وقع بصره فجأة على عورة من العورات أن يصرف بصره فورًا، ولا يتبع النظرة النظرة، فإن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وقد جاء في صحيح مسلم عن جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال: "سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة، فأمرني أن أصرفَ بصري".
وقد ذكر الأوزاعي أن هارون بن رئاب حدثه أن غزوان وأبا موسى الأشعري رضي الله عنهما كانا في بعض المغازي، فكشفت جارية وجهَها فوقع نظر غزوان عليها، فرفع يده فلطم بها عينه التي نظرت فورمت عينه، ثم قال: إنك لَلحَّاظة إلى ما يضرك ولا ينفعك، ثم لقيه أبو موسى فسأله عن عينه فأخبره، فقال له أبو موسى: ظلمتَ عينك، فاستغفر الله وتُب، فإن لها أول نظرة، وعليها ما كان بعد ذلك.
وقد أثر: ((لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وعليك الثانية)).
ومعنى ذلك: الأولى عفو؛ يعني ما دام الإنسان لم يَتعمَّدها.
وقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعدي الخدري رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والجلوس على الطرقات))، فقالوا: يا رسول الله، ما لنا بد منها نتحدث فيها، فقال: ((فإذا أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه))، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: ((غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر)).
وعامة الفقهاء على أن عورة الرجل من السرة إلى الركبة، واختلفوا في الركبة والفخذين، وتحقيق ذلك في كتب الفُروع، وعورة المرأة توضحه الآية التالية.
هذا؛ ويجوز نظر الشاهد والطبيب ونحوهما إلى بعض العورات عند الضرورة.
وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ تهديد ووعيد لمن لم يغضَّ بصره ولم يحفظ فرجه، و(الخبير) من الخبرة، وهي العلم القوي الذي يدرك بواطن الأمور، ويكشف عن دخائل النفوس.
الأحكام:
1 - يجب صرف النظر إن وقع على عورة من العورات.
2 - يحرم النظر إلى كل ما يخشى الفتنة من النظر إليه.
3 - لا يجوز للإنسان أن يكشف عن عورته.
4 - يحرم لبس الملابس الرقيقة التي تشف عن العورة.
5 - يجب تعزير مَن تعمَّد كَشْف عورته.
الشيخ عبد القادر شيبة الحمد

رحــآل
30-06-2021, 04:14 AM
سلمت اناملك على روعة طرحك
الله يعطيك الف عافيه
:100 (113):

ملكة الحنان
02-07-2021, 01:56 AM
جزاك الله خير الجزاء
وشكراً لطرحك الهادف
رزقك المــــــــولى الجنـــــــــــــة ونعيمـــــها
وجعلــــــ ما كُتِبَ في مــــــوازين حســــــــــناتك
ورفع الله قدرك في الدنيــا والآخــــرة
وأجـــــــــزل لك العطـــاء

أمير المحبه
02-07-2021, 04:49 PM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

ملاذ الروح
15-07-2021, 05:14 PM
كل الشكر وبارك الله فيك ....
أسطُر مليئة بِ الأحرف الذهبية
سلمت الأيادي ويعطيك ألف عافية
لروحك عقد البيلسان ~

عيسى العنـزي
23-02-2022, 12:11 PM
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه
احترامي

ندووشاا
18-06-2023, 11:53 AM
جزاك المولى الجنه
وكتب الله لك اجر هذه الحروف
كجبل احد حسنات
وجعله المولى شاهداً لك لا عليك
لاعدمنا روعتك
ولك احترامي وتقديري