المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأخلاق المحمودة(التَّضْحية )


نزف القلم
02-07-2021, 01:22 AM
التَّرغيب في التَّضْحية :
أولًا : في القرآن الكريم :
- قال تعالى : " وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء " [آل عمران:140] .
قال القاسمي : (أي : وليكرم ناسًا منكم بالشَّهادة، ليكونوا مثالًا لغيرهم في تَضْحية النَّفس شهادةً للحقِّ، واستماتةً دونه، وإعلاءً لكلمته) [تفسير القاسمى] .
- قال تعالى : " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا " [الأحزاب:21-27]
(لما ذكر تعالى غزوة الأحزاب، وموقف المنافقين المذبذبين منها، بالقعود عن الجهاد، وتثبيط العزائم، أمر المؤمنين في هذه الآيات بالاقتداء بالرَّسول الكريم في صبره وثباته، وتَضْحِيته وجهاده) [صفوة التفاسير ،للصابونى] .
ثانيًا : في السُّنَّة النبوية :
- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال : ((انتدب الله لمن خرج في سبيله - لا يخرجه إلا إيمان بي، وتصديق برسلي - أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة، أو أدخله الجنَّة، ولولا أن أشقَّ على أمَّتي، ما قعدت خلف سريَّة، ولوددت أنِّي أُقتل في سبيل الله ثم أحيا، ثم أُقتل ثم أحيا، ثم أُقتل)) [رواه البخارى ومسلم] .
فبذل النَّفس والشَّهادة في سبيل الله هي ذروة التَّضْحية .
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال : ((من خير معاش النَّاس لهم، رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هَيْعَةً، أو فزعة طار عليه، يبتغي القتل والموت مظانَّه، أو رجل في غنيمة في رأس شَعَفَةٍ من هذه الشَّعَف، أو بطن واد من هذه الأودية، يقيم الصَّلاة، ويؤتي الزَّكاة، ويعبد ربَّه حتَّى يأتيه اليقين، ليس من النَّاس إلا في خير)) [رواه مسلم] .
من فوائد التَّضْحية :
1- في التَّضْحية نصرة للدِّين .
2- في التَّضْحية تحقيق التَّكافل بين طبقات المجتمع .
3- في التضحية تقوية الأمَّة، وتحقيق تماسكها، فيهابها أعداؤها، وتصبح قويَّة البنيان عزيزة الجانب .
4- في التَّضْحية تحقيق التَّراحم بين نسيج المجتمع الإسلامي كلِّه .
من أقسام التضحية :
1 - التضحية المحمودة (المشروعة) :
- التَّضْحية بالنَّفس :
قال تعالى : " كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ " [البقرة: 216] .
(أخبر أنَّه مكروه للنُّفوس؛ لما فيه من التَّعب والمشقَّة، وحصول أنواع المخاوف، والتعرُّض للمتالف، ومع هذا، فهو خيرٌ محضٌ؛ لما فيه من الثَّواب العظيم، والتَّحرُّز من العقاب الأليم، والنَّصر على الأعداء والظَّفر بالغنائم، وغير ذلك، ممَّا هو مُرَبٍّ، على ما فيه من الكراهة) [تفسير السعدى] .
2- التَّضْحية المذمومة (غير المشروعة) :
التضحية المذمومة هي التَّضْحية في نصرة باطل، أو من أجل جاهلية، وكل تضحية لم تكن في سبيل الله أو ابتغاء مرضاته، أو تحقيقًا لمقصد شريف نبيل فهي مذمومة .
فعن أبي موسى رضي الله عنه قال : ((جاء رجل إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! ما القتال في سبيل الله ؟ فإنَّ أحدنا يقاتل غضبًا، ويقاتل حَمِيَّةً، فرفع إليه رأسه، قال : وما رفع إليه رأسه إلَّا أنَّه كان قائمًا، فقال : من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله عزَّ وجلَّ)) [رواه البخارى] .
من صور التَّضْحية :
1- التَّضْحية بالنَّفس وهي من أعلى مراتب التَّضْحية :
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال : ((من خير معاش النَّاس لهم، رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هَيْعَةً، أو فزعة طار عليه، يبتغي القتل والموت مظانَّه، أو رجل في غنيمة في رأس شَعَفَةٍ من هذه الشَّعَف، أو بطن واد من هذه الأودية، يقيم الصَّلاة، ويؤتي الزَّكاة، ويعبد ربَّه حتَّى يأتيه اليقين، ليس من النَّاس إلا في خير)) [رواه البخارى ومسلم] .
2- التَّضْحية بالمال :
كما في حديث عن ابن عباس، قال : ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود النَّاس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كلِّ ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الرِّيح المرسلة)) [رواه مسلم] .
موانع اكتساب صفة التَّضحية :
1- عدم الإخلاص لله في العمل .
2- حبُّ النَّفس والأثرة .
3- الانغماس في اللَّهو والتَّرف والدعة .
4- إساءة الظنِّ وعدم الثِّقة .
5- ضعف الإيمان، والتَّفكير في الرِّزق الذي يقعده عن الإنفاق والتَّضْحية بالمال، والخوف من الموت الذي يقعده عن الجهاد والتَّضْحية بالنَّفس .
الوسائل المعينة على اكتساب صفة التَّضحية :
1- عدم الانكباب على الدُّنيا .
2- التَّخلُّص من الرُّوح الانهزاميَّة .
قال تعالى : " وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ " [آل عمران: 139] .
3- حبُّ الآخرين .
4- التَّحلِّي بالشَّجَاعَة والإقدام .
5- التَّحلِّي بعلو الهمَّة .
نماذج من تَضْحية النَّبي صلى الله عليه وسلم :
الرَّسول صلى الله عليه وسلم قمة في الأخلاق الكريمة، وفي التَّضْحية والشَّجَاعَة، فكان أشجع النَّاس، وأقواهم قلبًا، وأثبتهم جنانًا، وقد كانت حياته كلُّها تَضْحية في سبيل الإسلام، فعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لقد أوذيت في الله، وما يؤذى أحد، وأخفت في الله، وما يخاف أحد، ولقد أتت علي ثلاثون ليلة من بين يوم وليلة، وما لي ولبلال رضي الله عنه ما يأكله ذو كبد إلا ما يواري إبط بلال)) [صححه ابن القيم فى عدة الصالحين والألبانى فى صحيح سنن الترمذى] .
نماذج من تَضْحية الصَّحابة :
أبو بكر الصِّديق رضي الله عنه :
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : خطب النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال : (إنَّ الله خيَّر عبدًا بين الدُّنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله، فبكى أبو بكر رضي الله عنه، فقلت في نفسي: ما يُبكي هذا الشيخ ؟ إن يكن الله خيَّر عبدًا بين الدُّنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو العبد، وكان أبو بكر أعلمنا، قال : يا أبا بكر لا تبك، إنَّ أمَنَّ النَّاس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متَّخذًا خليلًا من أمتي، لاتَّخذت أبا بكر، ولكن أخوَّة الإسلام ومودَّته، لا يبقين في المسجد باب إلا سُدَّ، إلا باب أبي بكر) [رواه البخارى ومسلم] .
وعن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال : سمعت عمر بن الخطَّاب، يقول : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدَّق، فوافق ذلك عندي مالًا، فقلت : اليوم أسبق أبا بكرٍ إن سبقته يومًا، قال : فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : مثله، وأتى أبو بكرٍ بكلِّ ما عنده، فقال : يا أبا بكرٍ ما أبقيت لأهلك ؟ قال : أبقيت لهم الله ورسوله، قلت : لا أسبقه إلى شيءٍ أبدًا)) [حسنه الألبانى فى صحيح سنن أبى داود] .
عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه :
عن ابن عمر رضي الله عنهما : (أنَّ عمر بن الخطَّاب أصاب أرضًا بخيبر، فأتى النَّبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال : يا رسول الله، إنِّي أصبت أرضًا بخيبر، لم أصب مالًا قطُّ أنفس عندي منه، فما تأمر به ؟ قال : إن شئت حبست أصلها وتصدَّقت بها، قال : فتصدَّق بها عمر : أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وتصدَّق بها في الفقراء، وفي القُرْبى، وفي الرِّقاب، وفي سبيل الله، وابن السَّبيل، والضَّيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم غير مُتَمَوِّلٍ) قال : فحدَّثت به ابن سيرين، فقال : غير مُتَأَثِّلٍ مالًا) [رواه البخارى ومسلم] .
حِكَمٌ وأقوالٌ في التضحية :
- قال ابن المقفع : ابذل لصديقك دمك ومالك، ولمعرفتك رفدك (الرفد بالكسر:العطاء والصلة) ومحضرك، وللعامَّة بشرك وتحيَّتك، ولعدوك عدلك، وضنَّ بدينك وعرضك عن كلِّ أحد .
- قيل لعبد الله بن جعفر إنَّك لتبذل الكثير إذا سُئِلت، وتضيِّق في القليل إذا توَجَّرت؟ فقال: إنِّي أبذل مالي، وأضنُّ بعقلي [الكامل فى اللغة والأدب، للمبرد] .
مماراق لي

لـحـن
02-07-2021, 01:22 AM
بارك الله فيك ونفع بِك ..
على طرح موضوعك القيم
وأسلمت الايادي ويعطيك العافيه
تقديري مع احترامي.

ملكة الحنان
02-07-2021, 01:55 AM
جزاك الله خير الجزاء
وشكراً لطرحك الهادف
رزقك المــــــــولى الجنـــــــــــــة ونعيمـــــها
وجعلــــــ ما كُتِبَ في مــــــوازين حســــــــــناتك
ورفع الله قدرك في الدنيــا والآخــــرة
وأجـــــــــزل لك العطـــاء

أمير المحبه
02-07-2021, 04:47 PM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

ندووشاا
25-05-2023, 11:02 PM
الله يجزاك كل خير على مجهودك...
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك...
ننتظر جديدك...