المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القيادة اليوسفية والمنظومة القيمية


غرام الشوق
11-03-2023, 03:14 PM












د. فالح بن محمد العجمي


قصة يوسف -عليه السّلام- قصةٌ تعلمنا كيف يكون الصبر والثبات والتمكين في الأرض، قصة تعلمنا كيف تنهار القوة الأرضية أمام القوة السماوية الربانية، وكيف تسقط المخططات والمؤامرات أمام {معاذ الله} (يوسف:23)، وكيف تصبح زنزانة السجن قاعة لإدارة الأزمات وتفريج الكربات! قصة يوسف -عليه السلام- قصة قائد فذ توشح بالقيم الربانية السماوية ليخوض المعركة التي ينقذ بها الأمة، قصة قائد بمنظومة قيمية ربانية ينقذ مصر وما جاورها اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وأخلاقيا وسياسيا؛ لذلك كانت هذه السلسلة بعنوان القيادة اليوسفية والمنظومة القيمية.
إنه يوسف الصديق -عليه السلام
يوسف -عليه السّلام- واجه كل المؤامرات التي تحاك ضد الفضيلة في كل مراحل حياته، وانتصر بصبره وتقواه وصدقه وإحسانه وخوفه من الله؛ فكان من المحسنين المخلصين كما وصفه الله -عزوجل-؛ لذلك سنحلق معكم في هذه السلسلة مع شخصية نبي الله يوسف -عليه السّلام- وجميع الشخصيات في قصة يوسف، نستعرض ونبين من خلال هذه الشخصيات كل جوانب القيادة والقيم المصاحبة لهم والمجتمع الذي يعيشون فيه، وسنبين المنظومة القيمية ليوسف وصراع القيم مع القيم المخالفة، وصدام القيم والرغبات وكذلك المواقف القيادية حول الأحداث التي مر بها بأسلوب سهل بعيدا عن التعقيدات والتقسيمات الطويلة والمملة.
لقد عالج يوسف القائد -عليه السّلام- المجتمع في أزمته القيمية وانتشله من الوحل إلى القمة. رجل بأمة، إنه يوسف الصديق المحسن المخطط العزيز القائد، بدأت حياته برؤية عظيمة وانتهت بحياة عظيمة كلها إيمان وعمل وتحقيق لهذه الرؤيا.
القصص في القرآن
{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} (يوسف: 1-3)، إن القرآن الكريم فيه من الأساليب التعليمية والتدريبية الشيء الكثير والعظيم وإن من أعظم أساليب التربية والتعليم والاقتداء في القرآن هو الأسلوب القصصي، وهي ليست للقراءة والاستماع بل هي من أعظم أساليب القيادة وأساليب غرس القيم من خلال عرض القصص والشخصيات والأمم والحوادث والصراع بين الحق والباطل.
عبرة وعظة
لذلك بدأ الله سورة يوسف بقوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}، واختتم -سبحانه- في آخر السورة {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ} (يوسف: 111).
- عبرة للملوك في بسط العدل كما بسط يوسف -عليه السّلام- وتأمينهم أحوال الرعية كما فعل يوسف حين أحسن إليهم وأعتقهم حين ملكهم.
- عبرة في قصصهم لأرباب التقوى.
- عبرة لأهل الهوى فيما في اتباع الهوى من شدة البلاء كامرأة العزيز لما تبعت هواها لقيت ما لقيت.
- عبرة في العفو عند المقدرة كيوسف -عليه السّلام- حين تجاوز عن إخوته.
- وعبرة في ثمرة الصبر.
هدف تربوي رباني
إنَّ كل قصة قرآنية لها هدف تربوي رباني سيقت من أجله، والعبرة بالقصة إنما يتوصل إليها صاحب الفكر الواعي، الذي لا يطغى هواه على عقله وفطرته، بل يستنبط من القصة المغزى الحق؛ فالقرآن قص علينا أحسن القصص ليكون عبرة وذكرى وشفاء للقلوب من أمراض الجهالة وإرشادا لتقويم شؤون البشر، وتهذيب نفوسهم وإصلاح معاشهم ومعادهم وليس الغرض هو التواريخ الماضية وذكر شؤونهم وأطوارهم ولكنها للعظة والاعتبار.
توحيد وعلم ومكارم أخلاق
إننا لا نرى قصصا من قصص القرآن إلا وفيها توحيد وعلم ومكارم أخلاق وحجج عقلية ومحاورات جميلة تلذ العقلاء وإرشاد ونصح، وتبصرة وتذكرة، ونرى القرآن يعرض عن كثير من الوقائع التاريخية التي لا لزوم لها، ولا معول عليها، وبالأولى تراه يعرض كما ذكرته توارة اليهود التي بين أيديهم من الحوادث المخجلة الشائنة.
أصول علم التاريخ
«وفي القرآن إشارات لا تخلو من أصول علم التاريخ وبذور فلسفته؛ فعلى الدارس للقصص ألا يقتصر على معرفة الوقائع، بل عليه أن يعرف أسبابها ونتائجها وسننها، ليتعمق في فهم الحكمة التي يبين بها هذا الوجود وفق نواميس هي من صنع الله وهي أكمل نظام وأتقن ترتيب..» «.. ومن هنا كان القصص التاريخي أشد تأثيرا وأسمى طموحا من التاريخ؛ لأنه ميز الإنسان بسلاح الإيمان والثبات ويعرفه بما لله من نواميس قارة في نظام الخلق والإبداع، ومن سنن مطردة في نظام الأقوام والأمم سنن خاضعة لإرادة الله وليست مقيدة لها، تتصل فيها الأسباب بالمسببات فلا تتغير أو تتحول محاباة لأحد من الناس لأنها محور عدل الله وحكمته في تدبير الأمور».
ما الذي أصاب الأمة؟
يا ليت شعري ما الذي أصاب الأمة حتى غضت النظر عن القصص في القرآن وأهملت أمرها؟ وظن أهلها أنها أمور تاريخية لا تفيد إلا المؤرخين القصص في كل أمة عليها مدار ارتقائها، سواء كانت وضعية أم حقيقية على ألسنة الحيوان أو الإنسان أو الجماد، على هذا تبعث الأمم قديمها وحديثها: أليس من العيب الفاضح أن نقرأ قصص القرآن فلا نكاد نفهم إلا حكايات ذهبت مع الزمان ومرت كالأمس الدابر، وإنها عبرة لمن اعتبر وتذكرة لمن تذكر، وتبصرة لمن ازدجر؟ وبالإجمال فليس القصد من هذه القصص إلا منافعها والعبرة المبصرة للسامعين، {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ} (يوسف: 111).
مقاصد القصص في القرآن
لذلك كان من مقاصد القصص في القرآن:
1- المثل والقدوة. {فبهداهم اقتده}.
2- التصديق. {تصديق الذي بين يديه}.
3- والتأكيد بالتفصيل. {وتفصيل كل شيء}.
4 - العبرة. {عبرة لأولي الألباب}
5- التثبيت. {وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ}.
6- الموعظة والذكرى. {وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}.
7- التصبير. {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}
8- الأمل والبشارة.
9- التسلية.
10- التشريف والتخليد.
التربية القيادية والمنظومة القيمية
وقبل أن يكون الإنسان قائدا عليه: أولا أن يكون إنسانا فاعلاً وذلك عبر العمل على تطوير وتوجيه وتغيير خمسة جوانب:
1- الفكر والقناعات.
2 - الاهتمامات.
3- المهارات.
4- العلاقات.
5- القدوات.
الانتقال إلى مرحلة القيادة
ثانيا: الانتقال من مرحلة الإنسان الفعال إلى مرحلة القيادة من خلال امتلاك أو اكتساب الصفات القيادية التالية:
1- الرؤية المرشدة.
2- التوازن بين الروح والعقل والعاطفة والجسد.
3- التحكم في الذات.
4- التأثير في الآخرين.
مفهوم القيادة الإسلامية
ثالثا: الانتقال من مفهوم الصفات القيادية العامة إلى مفهوم القيادة الإسلامية من خلال امتلاك وتحقيق الصفات التالية:
1- الإيمان والتوحيد.
2 - الاتباع.
3- التزكية.
4- الاستخلاف.
حول هذه النقاط المهمة وغيرها سنستطلع معا في الحلقات القادمة إن شاء الله قصة نبي الله يوسف القائد -عليه السّلام.







لـحـن
11-03-2023, 03:14 PM
بارك الله فيك ونفع بِك ..
على طرح موضوعك القيم
وأسلمت الايادي ويعطيك العافيه
تقديري مع احترامي.

وحيد نجد
12-03-2023, 08:57 PM
فيضَ مَنَ الجَمــالْ الَذي سكبتهْ
تِلَكَ الَـأنــاملْ الَاَلمَــاَسيَةَ ..!
طًرّحٌ مٌخملَي ..,
كُلْ شَئَ مختلفْ هُنــا
يعطَيكـًم العآفية ..ولـآحرَمنآ منَكـًم
بإنتظَآرَجَديِدكًـم بشغفَ

شقاوي
14-03-2023, 10:22 AM
محتوى رائع
يعطيك العافيه عليه
اتمنى لك مزيد من التميز والابداع
ارق تحيه محمله بآلجور ي لشخصك
احتراماً / وتقــديراً

سمو الهلال
18-03-2023, 05:43 AM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
دمتي ودام لنا مقامك الكريم /..

برق الشمال
18-03-2023, 10:17 PM
جزآك الله جنة عَرضها آلسموآت و الأرض ..
بآرك الله فيك على الطرح القيم و في ميزآن حسناتك

أمير المحبه
29-03-2023, 02:20 PM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

لؤلؤه
19-04-2023, 10:00 AM
جَعُلكم مِمَنً يٍظَلُهمَ آلله فٍي يٍومَ لآ ظلً إلاٍ ظله .~
وً عٍمرً آلله قًلٍبًكم بآلآيمٍآنَ .~
علًىَ طرٍحًكم آلًمَحِمًلٍ بنًفُحآتٍ إيمآنٍيهً .!

نادر الشوق
01-05-2023, 04:54 PM
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع


حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك


اخوك
نادر الشوق

شموخ
02-05-2023, 07:52 PM
جـزاك الله خيـر على طرحك القيـم
يعطيك العافيــة ..

المحترف
10-05-2023, 08:26 AM
جزاك الله خيرا
لما نقلت لنا من دُرر
اللهم ارزقنا لسانا ذاكرا
وقلبا خاشعا وعينا دامعا
دمت برضى الله وفضله

أميرة بطبعي
20-05-2023, 06:14 AM
الله يجزاك كل خير على مجهودك...
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك...
ننتظر جديدك

ندووشاا
06-07-2023, 12:31 AM
جَزآكـ الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ

بآرَكـَ الله فيكـِ عَ آلمَوضوعْ

آسْآل الله آنْ يعَطرْ آيآمكـِ بآلريآحينْ

دمْت بـِ طآعَة الله ..}

غرام الشوق
07-07-2023, 06:14 PM
مروركم اضفى جمالاً لمتصفحي
وتواجدكم اضاف بهجة للسطور
باقات الياسمين تعانق مبسمكم
الله يعطيكم الف عافيه يالغوالي
/
عطري وباقات وردي لقلوبكم*

يحيى الشاعر
09-09-2023, 08:22 PM
..





بارك الله فيك على الطرح الطيب
وجزاك الخير كله .. واثابك ورفع من قدرك
ووفقك الله لمايحبه ويرضاه
دمت بحفظ الله ورعايته
http://www.raaw9.com/up2/uploads/16942703642291.png

شَغفْ
13-09-2023, 08:19 AM
بارك الله فيك
يعطيك العافية ع الادراج
:rose: