ناطق العبيدي
10-06-2023, 08:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كان ذلك في بداية سنوات السبعينات من القرن الماضي عندما اصدر ناظم كزار، الذي كان يشغل منصب مدير الامن العامة ) امراً جمع فيه العديد من " شقاوات بغداد، وبلطجيتها المتشردين في مناطق بغداد ومنها الفضل، الكسرة، باب الشيخ، الاعظمية ، الكاظمية، قهوة، باب المعظم، والباب الشرقي، ليطلب منهم ان يختاروا طريقين لا ثالث لهما اما الانضمام للجهاز القمعي او احالتهم الى المحاكم الخاصة لينالوا عقوبة الاعتداء على الاخرين .
هذا ما تحدث به الحاج صاحب ناجي (74 عاماً ) صاحب فندق في منطقة ساحة الشهداء والذي جمعته علاقات طويلة مع العديد من هؤلاء الشقاوات التي كانت تزخربهم بغداد وازقتها قائلاً:
بعد هذه الدعوة انفرط عقد الكثير منهم، فمنهم من تحول الى وكيل أمن ومنهم من ترك سكنية (بوكس الحديد) الذي طالما خبأه في جيبه الخلفي ليتوارى عن الاضواء مختاراً احدى المهن الشعبية او احدى المقاهي ليجعلها بيته الثاني
الحاج صاحب اضاف :
سكن عدد منهم في فندقي وطلبوا مني البحث عن فرصة عمل تجعلهم بعيدين عن عيون ناظم كزار وعيون الامن.
نبذة تاريخية
حكاية الشقاوات واسرارها تناولته مجموعة كبيرة من كتب التاريخ المعاصر حيث قال عنهم الكاتب د. محمد الدعجمي مع انهيار الدولة العباسية على يد هولاكو عام 1258م ووقوع العراق على الطريق الدولية العامة للغزوات خاصة من القبائل التركمانية كالجرأيين وقبائل الخروف الابيض والاسود وبعد ان اخذت ظاهرة الشطار والصيادين بالانحسار والاضمحلال، برزت ظاهرة الشقاوات وهي سبب لغياب السلطة المركزية وتعويضها من قبل هؤلاء لحماية الذات، وهم افراد يبسطون سطوتهم وسيطرتهم انطلاقاً من المناطق التي يسكنونها وصولاً الى المحلات التي تكتظ بها مناطق العاصمة .
أتــــــــــاوات
نوزاد هيوة (73عاماً) ترك مدينته السليمانية نهاية الستينات ليفتح له مطعماً في منطقة البتاويين قال :
شاهدت العديد منهم وهم يصرخون باصحاب المحال من اجل فرض ( الاتاوات) بحجة حمايتهم كما ان العديد منهم كانوا من زبائني فبعضهم يعطي ثمن الطعام بينما يكتفي البعض بنظراته الشريرة الى والدي الذي يجلس خلف " الدخل" ويمضي نوزاد مستذكراً :
كان لهولاء واجبات عديدة منها حماية اهالي المنطقة من الغرباء فضلاً عن اجراء المصالحة بين المتخاصمين كما يتحلى البعض منهم باخلاق عالية مثل عدم الاعتداء على الضعفاء، واحترام النساء والشيوخ والاطفال واكرام الفقراء .
كما كان بعضهم لا يأخذ الاتاوات الا من الاثرياء والتجار فعند حدوث مشكلة او شجار او سرقة، يذهب من تقع عليهم هذه المصائب " الشقي" لاحقاق الحق او حل المشكلة او التحيكم بينهم ولكن بطريقة قسرية لايجرأ احد على مناقشتها او الاعتراض عليها مطلقاً .
ويروي نوزاد حكاية قرأها للباحث والمؤرخ د. علي الوردي قائلاً: الاشقياء يحكمون المدن في العهد العثماني حتى ان احدهم طرد الوالي التركي من بغداد رغم سطوة وبأس الخلافة العثمانية .
تجــار السمــك
حسين السماك يملك محلاً لبيع السمك في منطقة الشواكة قال:
كنت صغيراً في اواسط الستينات عندما شاهدت بعضهم يحضر الى علوة السمك صباحاً ليقف في زاوية العلوة منتظراً تجار الاسماك الكبار ليأخذ حصته منهم بحجة حماية العلوة من الاغراب .
ويتابع السماك مسترسلاً : ظاهرة الشقاوات في بغداد قديمة وابرزهم خليل ابو الهوب وستار ابن فضيلة وجاسم طلايب وجبار كردي وجعفر ابو العيس، وكانت لديهم أصول لايحيدون عنها ، فهم يسرقون احياناً من الاثرياء وأصحاب الشركات الكبيرة ليوزعوا نصف غنائمهم على ابناء مناطقهم من الفقراء والمرضى.
ويستذكر السماك احدى المعارك التي دارت بين الشقاوات قائلاً :
يلجأ بعض اصحاب الملاهي في منطقة الصالحية الى الاستعانة بالاشقياء لحماية اماكنهم من المتطفلين وفي مساء احد الايام تشاجر اثنان منهما حول حماية راقصة عربية لينتهي الامر بقطع الشارع المؤدي الى الملهى بعد مع معركة دارت لساعات جرح اثنان منهما وقد استخدم احدهما " الطبر" في ملاحقة خصومه الذي لاذ بالفرار الى الملهى واغلق عليه، لتصل الشرطة بعد ذلك ولم تجد من اثار المعركة سوى بضعة سكاكين و(قامة) طويلة تعرفت بعد دقائق على صاحبها .
الباحث الاجتماعي د. طه خليل
تحدث عن الشقاوات قائلاً :هم افراد خرجوعن طريق السلوك الاجتماعي للحياة من خلال تمردهم على النظام والقانون لأسباب كثيرة، منها المادية والمعيشية وتدهور الاوضاع العامة بسبب السياسة التي انتهجتها الحكومات في الخمسينات والستينات، وبشكل عام فان الشقاوات أيام زمان لايعتدون على اي فرد من اهالي محلتهم بل على العكس تماماً فهم يدافعون
عنهم .
مراجعة وتنسيق ناطق ابراهيم العبيدي
كان ذلك في بداية سنوات السبعينات من القرن الماضي عندما اصدر ناظم كزار، الذي كان يشغل منصب مدير الامن العامة ) امراً جمع فيه العديد من " شقاوات بغداد، وبلطجيتها المتشردين في مناطق بغداد ومنها الفضل، الكسرة، باب الشيخ، الاعظمية ، الكاظمية، قهوة، باب المعظم، والباب الشرقي، ليطلب منهم ان يختاروا طريقين لا ثالث لهما اما الانضمام للجهاز القمعي او احالتهم الى المحاكم الخاصة لينالوا عقوبة الاعتداء على الاخرين .
هذا ما تحدث به الحاج صاحب ناجي (74 عاماً ) صاحب فندق في منطقة ساحة الشهداء والذي جمعته علاقات طويلة مع العديد من هؤلاء الشقاوات التي كانت تزخربهم بغداد وازقتها قائلاً:
بعد هذه الدعوة انفرط عقد الكثير منهم، فمنهم من تحول الى وكيل أمن ومنهم من ترك سكنية (بوكس الحديد) الذي طالما خبأه في جيبه الخلفي ليتوارى عن الاضواء مختاراً احدى المهن الشعبية او احدى المقاهي ليجعلها بيته الثاني
الحاج صاحب اضاف :
سكن عدد منهم في فندقي وطلبوا مني البحث عن فرصة عمل تجعلهم بعيدين عن عيون ناظم كزار وعيون الامن.
نبذة تاريخية
حكاية الشقاوات واسرارها تناولته مجموعة كبيرة من كتب التاريخ المعاصر حيث قال عنهم الكاتب د. محمد الدعجمي مع انهيار الدولة العباسية على يد هولاكو عام 1258م ووقوع العراق على الطريق الدولية العامة للغزوات خاصة من القبائل التركمانية كالجرأيين وقبائل الخروف الابيض والاسود وبعد ان اخذت ظاهرة الشطار والصيادين بالانحسار والاضمحلال، برزت ظاهرة الشقاوات وهي سبب لغياب السلطة المركزية وتعويضها من قبل هؤلاء لحماية الذات، وهم افراد يبسطون سطوتهم وسيطرتهم انطلاقاً من المناطق التي يسكنونها وصولاً الى المحلات التي تكتظ بها مناطق العاصمة .
أتــــــــــاوات
نوزاد هيوة (73عاماً) ترك مدينته السليمانية نهاية الستينات ليفتح له مطعماً في منطقة البتاويين قال :
شاهدت العديد منهم وهم يصرخون باصحاب المحال من اجل فرض ( الاتاوات) بحجة حمايتهم كما ان العديد منهم كانوا من زبائني فبعضهم يعطي ثمن الطعام بينما يكتفي البعض بنظراته الشريرة الى والدي الذي يجلس خلف " الدخل" ويمضي نوزاد مستذكراً :
كان لهولاء واجبات عديدة منها حماية اهالي المنطقة من الغرباء فضلاً عن اجراء المصالحة بين المتخاصمين كما يتحلى البعض منهم باخلاق عالية مثل عدم الاعتداء على الضعفاء، واحترام النساء والشيوخ والاطفال واكرام الفقراء .
كما كان بعضهم لا يأخذ الاتاوات الا من الاثرياء والتجار فعند حدوث مشكلة او شجار او سرقة، يذهب من تقع عليهم هذه المصائب " الشقي" لاحقاق الحق او حل المشكلة او التحيكم بينهم ولكن بطريقة قسرية لايجرأ احد على مناقشتها او الاعتراض عليها مطلقاً .
ويروي نوزاد حكاية قرأها للباحث والمؤرخ د. علي الوردي قائلاً: الاشقياء يحكمون المدن في العهد العثماني حتى ان احدهم طرد الوالي التركي من بغداد رغم سطوة وبأس الخلافة العثمانية .
تجــار السمــك
حسين السماك يملك محلاً لبيع السمك في منطقة الشواكة قال:
كنت صغيراً في اواسط الستينات عندما شاهدت بعضهم يحضر الى علوة السمك صباحاً ليقف في زاوية العلوة منتظراً تجار الاسماك الكبار ليأخذ حصته منهم بحجة حماية العلوة من الاغراب .
ويتابع السماك مسترسلاً : ظاهرة الشقاوات في بغداد قديمة وابرزهم خليل ابو الهوب وستار ابن فضيلة وجاسم طلايب وجبار كردي وجعفر ابو العيس، وكانت لديهم أصول لايحيدون عنها ، فهم يسرقون احياناً من الاثرياء وأصحاب الشركات الكبيرة ليوزعوا نصف غنائمهم على ابناء مناطقهم من الفقراء والمرضى.
ويستذكر السماك احدى المعارك التي دارت بين الشقاوات قائلاً :
يلجأ بعض اصحاب الملاهي في منطقة الصالحية الى الاستعانة بالاشقياء لحماية اماكنهم من المتطفلين وفي مساء احد الايام تشاجر اثنان منهما حول حماية راقصة عربية لينتهي الامر بقطع الشارع المؤدي الى الملهى بعد مع معركة دارت لساعات جرح اثنان منهما وقد استخدم احدهما " الطبر" في ملاحقة خصومه الذي لاذ بالفرار الى الملهى واغلق عليه، لتصل الشرطة بعد ذلك ولم تجد من اثار المعركة سوى بضعة سكاكين و(قامة) طويلة تعرفت بعد دقائق على صاحبها .
الباحث الاجتماعي د. طه خليل
تحدث عن الشقاوات قائلاً :هم افراد خرجوعن طريق السلوك الاجتماعي للحياة من خلال تمردهم على النظام والقانون لأسباب كثيرة، منها المادية والمعيشية وتدهور الاوضاع العامة بسبب السياسة التي انتهجتها الحكومات في الخمسينات والستينات، وبشكل عام فان الشقاوات أيام زمان لايعتدون على اي فرد من اهالي محلتهم بل على العكس تماماً فهم يدافعون
عنهم .
مراجعة وتنسيق ناطق ابراهيم العبيدي