المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السكينة


غرام الشوق
22-10-2020, 03:58 AM
معنى السَّكِينَة لغة

أصل هذه المادة يدلُّ على خلاف الاضطراب والحركة.
فالسُّكُونُ ضدُّ الحركة
يقال: سَكَنَ الشَّيء يَسْكُنُ سُكونًا، إذا ذهبت حركته
وكلُّ ما هَدَأَ فقد سَكَن، كالرِّيح والحَرِّ والبرد ونحو ذلك
وسَكَنَ الرَّجل سكت.

والسكينة: الطمأنينة والاستقرار والرزانة والوقار

معنى السَّكِينَة اصطلاحًا:

قال ابن القيِّم:
(هي الطُّمَأنِينة والوَقَار والسُّكون الذي ينزِّله الله في قلب عبده
عند اضطرابه من شدَّة المخاوف فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه
ويوجب له زيادة الإيمان، وقوَّة اليقين والثَّبات )


وقال الجرجانى:

(السَّكِينَة: ما يجده القلب من الطُّمَأنِينة عند تنزُّل الغيب،
وهي نور في القلب يَسْكُن إلى شاهده ويطمئن)



الفرق بين السَّكِينَة والوَقَار

السَّكِينَة والوَقَار كلمتان مترادفتان، إلَّا أنَّ هناك فرقًا طفيفًا بينهما

قال أبو هلال العسكري: (إنَّ السَّكِينَة مُفَارَقة الاضطراب عند الغضب والخوف
وأكثر ما جاء في الخوف؛ ألَا ترى قوله تعالى: فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ [التَّوبة: 40]

وقال: فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ [الفتح: 26]
ويُضَاف إلى القلب، كما قال تعالى: هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ
[الفتح: 4]

فيكون هيبة وغير هيبة، والوَقَار لا يكون إلا هيبة.

المشهور في الفرق بينهما: أنَّ السَّكِينَة هيئةٌ بدنيَّةٌ تنشأ من اطمئنان الأعضاء.

والوَقَار: هيئةٌ نفسانيَّةٌ تنشأ من ثبات القلب، ذكر ذلك صاحب ((التنقيح))،
ونقله صاحب ((مجمع البحرين)) عن بعض المحقِّقين.

ولا يخفى أنَّه لو عُكِس الفرق، لكان أصوب
وأحقَّ بأن تكون السَّكِينَة هيئةً نفسانيَّةً، والوَقَار: هيئةٌ بدنيَّةٌ)


التَّرغيب في السَّكِينَة

أولًا: التَّرغيب في السَّكِينَة في القرآن الكريم

- قوله تعالى: ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ [التَّوبة: 26].

أي: أنزل عليهم ما يُسكِّنهم ويُذهب خوفهم، حتَّى اجترؤوا
على قتال المشركين بعد أن ولَّوا 

- قوله تعالى: إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا
فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا [التَّوبة: 40].


قال أبو جعفر: (يقول تعالى ذكره: فأنزل الله طمأنينته وسكونه على رسوله
وقد قيل: على أبي بكر، وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا

يقول: وقوَّاه بجنود من عنده من الملائكة، لم تروها أنتم وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا
وهي كلمة الشِّرك السُّفْلَى، لأنَّها قُهِرت وأُذِلَّت، وأبطلها الله تعالى
ومَحَق أهلها، وكلُّ مقهور ومغلوب فهو أسفل من الغالب
والغالب هو الأعلى.

وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا، يقول: ودين الله وتوحيده
وقول لا إله إلَّا الله، وهي كلمته (العُليا)، على الشِّرك وأهله، الغالبة) 

- قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ
لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [الفتح: 4].

يقول تعالى: هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ أي: جعل الطُّمَأنِينة.

قاله ابن عبَّاس، وعنه: الرَّحمة. وقال قتادة: الوَقَار في قلوب المؤمنين.
وهم الصَّحابة يوم الحُدَيبِية، الذين استجابوا لله ولرسوله
وانقادوا لحكم الله ورسوله، فلمَّا اطمأنَّت قلوبهم لذلك، واستقرَّت
زادهم إيمانًا مع إيمانهم 

- قوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ
فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح: 18].

وقوله: فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ أي: من الصِّدق والوفاء، والسَّمع والطَّاعة
فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ: وهي الطُّمَأنِينة، وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا
وهو ما أجْرَى الله على أيديهم من الصُّلح بينهم وبين أعدائهم
وما حصل بذلك من الخير العام المستمر المتَّصل
بفتح خيبر، وفتح مكة، ثم فتح سائر البلاد والأقاليم عليهم
وما حصل لهم من العزِّ والنَّصر والرِّفعة في الدُّنيا والآخرة
ولهذا قال: وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [الفتح: 18] 

- قوله تعالى: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ
فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ [الفتح: 26].

فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ أي الطُّمَأنِينة والوَقَار.
عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وقيل: ثبَّتهم على الرِّضا والتَّسليم
ولم يدخل قلوبهم ما أدْخَل قلوب أولئك من الحَمِيَّة

ثانيًا: التَّرغيب في السَّكِينَة في السُّنَّة النبوية

- عن أبى هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((إذا أُقِيمت الصَّلاة، فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون
وعليكم السَّكِينَة، فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا)) رواه البخاري ومسلم


(فيه: النَّدب الأكيد إلى إتيان الصَّلاة بسَكِينة ووَقَار، والنَّهي عن إتيانها سعيًا
سواءً فيه صلاة الجمعة وغيرها، سواءً خاف فَوْت تكبيرة الإحرام أم لا.

- وعن ابن عبَّاس أنَّهُ دفعَ معَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومَ عرَفَةَ
فسمعَ النبيُّ صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ وراءَهُ زَجْرًا شديدًا
وضربًا وصوتًا للإبِلِ، فأشَارَ بسَوطِهِ إليهمْ،
وقالَ: أيُّها الناسُ، عليكم بالسَّكِينَةِ) رواه البخاري

(علَيْكُمْ بالسَّكِينَةِ) أي: لازموا الطُّمَأنِينة والرِّفق، وعدم المزَاحمة في السَّير.


- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((ما رأيت أحدًا كان أشبه سَمْتًا وهديًا ودلًّا
وفي رواية: (حديثًا، وكلامًا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة
كانت إذا دخلت عليه، قام إليها، فأخذ بيدها فقبَّلها، وأجلسها في مجلسه
وكان إذا دخل عليها، قامت إليه، فأخذت بيده فقبَّلته، وأجلسته في مجلسها))
رواه أبو داود والتِّرمذي والنَّسائي في ((السُّنن الكبرى))
وابن حبان والطبراني في ((المعجم الأوسط)) والحاكم والبيهقي
قال التِّرمذي: حسن غريب من هذا الوجه.
وصححه النَّووي في ((الترخيص بالقيام))
والألباني في ((صحيح سنن أبي داود))
وجوَّد إسناده ابن باز في ((مجموع فتاوى ابن باز))
وحسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند))

قال القاري: (...((سمتًا)). أي: هيئة وطريقة كانت عليها من السَّكِينَة والوَقَار.
قال الشَّارح: السَّمت في الأصل القَصْد، والمراد به:
هيئة أهل الخير والتَّزيي بزيِّ الصَّالحين.
((وهديًا)) أي: سيرة وطريقة.
يقال: فلان حَسَن الهدي، أي: حَسَن المذهب في الأمور كلِّها.
((ودلًّا)): بفتح دال وتشديد لام، فسَّره الرَّاغب بحُسْن الشَّمائل،
وأصله من: دلِّ المرأة، وهو شَكْلها، وما يُسْتَحْسَن منها.
والكلُّ ألفاظ متقاربة.
قال التوربشتي: كأنَّها أشارت بالسَّمت إلى ما يُــرَى على الإنسان
من الخشوع والتَّواضع لله
وبالهدي: ما يتحلَّى به من السَّكِينَة والوَقَار
إلى ما يسلكه من المنهج المرضي)

((مرقاة المفاتيح)) للقاري


فوائد السَّكِينَة

للتَّحلِّي بهذه الصِّفة فوائد وآثار طيِّبة، تخصُّ الفرد المتَحلِّي بها
وتعمُّ المجتمع من حوله.

قال ابن عثيمين: (السَّكِينَة هي: عدم الحركة الكثيرة،
وعدم الطَّيشبل يكون ساكنًا في قلبه، وفي جوارحهوفي مقاله
ولا شكَّ أنَّ هذين الوصفين -الوَقَار والسَّكِينَة-
من خير الخصال التي يمنُّ الله بها على العبد
لأنَّ ضدَّ ذلك: أن يكون الإنسان لا شخصيَّة له ولا هيبة له
وليس وقورًا ذا هيبة، بل هو مَهِين، قد وضع نفسه ونزَّلها
وكذلك السَّكِينَة ضدُّها أن يكون الإنسان كثير الحركات، كثير التَّلفت
لا يُــرَى عليه أثر سَكِينة قلبه، ولا قوله ولا فعله
فإذا مَنَّ الله على العبد بذلك، فإنَّه ينال بذلك خُلُقين كريمين) 


ومن فوائد السكينة ما يلي:


1- السَّكِينَة رداء ينزل فيثبِّت القلوب الطَّائرة، ويهدِّئ الانفعالات الثَّائرة.

2- أنَّ المتَحلِّي بها يمتثل لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ((السَّكِينَة السَّكِينَة)) 

3- متى نزلت على العبد السَّكِينَة: استقام، وصَلحت أحواله
وصَلح بالُه، وإذا ترحَّلت عنه السَّكِينَة، ترحَّل عنه السُّرور والأمن
والدَّعة والرَّاحة وطيب العيش، فمِنْ أعظم نعم الله على عبده:
تَـنَـزُّل السَّكِينَة عليه، ومن أعظم أسبابها: الرِّضا عنه 

4- المتَحلِّي بالسَّكِينَة يخشع في صلاته.

5- إنَّ من صفة النَّاسك السَّكِينَة؛ لغلبة التَّواضع وإتيان القناعة، ورفض الشَّهوات 

6- السَّكِينَة علامة من علامات رضا الله عزَّ وجلَّ.

7- أنَّ من ثمارها محبَّة الله للعبد، ومن ثمَّ محبَّة النَّاس له.

8- تجعل العبد قادرًا على تحمُّل المصيبة إذا نزلت.

9- تجعل العبد قادرًا على امتصاص غضبه في المواقف الصَّعبة.

وغير ذلك من الفوائد العظيمة، التي يجنيها الفرد والمجتمع المسلم
من هذا الخُلِق الكريم.



أقوال السَّلف والعلماء في السَّكِينَة

- قال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه:
(تعلَّموا العلم، وتعلَّموا للعلم السَّكِينَة والحلم) 

- قال أبو محمَّد -في حديث علي-: إنَّ ابن عبَّاس -رحمه الله-

- وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
(كنَّا نتحدَّث أنَّ السَّكِينَة تنطق على لسان عمر وقلبه) 

- وقال ابن القيِّم: (السَّكِينَة إذا نزلت على القلب اطمأن بها
وسكنت إليها الجوارح وخشعت، واكتسبت الوَقَار
وأنطقت اللِّسان بالصَّواب والحِكْمة، وحالت بينه وبين قول الخَنَا والفحش
واللَّغو والهجر وكلِّ باطلٍ.

وفي صفة رسول الله في الكتب المتقدِّمة:
إنِّي باعث نبيًّا أمِّيًّا، ليس بفظٍّ ولا غليظٍ، ولا صخَّابٍ في الأسواق
ولا متزيِّنٍ بالفحش، ولا قوَّالٍ للخَنَا. أسدِّده لكلِّ جميلٍ
وأَهَب له كلَّ خُلق كريم، ثمَّ أجعل السَّكِينَة لِبَاسه، والبرَّ شعاره
والتَّقوى ضميره، والحِكْمَة معقوله، والصِّدق والوفاء طبيعته
والعفو والمعروف خُلُقه، والعدل سيرته، والحقَّ شريعته، والهدي إمامه
والإسلام ملَّته، وأحمد اسمه)


المصدر / الدُّرر السَّنية

روآية هآدئة
22-10-2020, 04:04 AM
:
بارك الله في طرحك القيم
وبورك عطاءك وجههودك
مودتي؛"

لـحـن
22-10-2020, 04:10 AM
بارك الله فيك ونفع بِك ..
على طرح موضوعك القيم
وأسلمت الايادي ويعطيك العافيه
تقديري مع احترامي.

لَذة عِشّق♪♥
22-10-2020, 07:42 AM
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمت بحفظ الله ورعآيته ..
لِ روحك

أمير المحبه
22-10-2020, 07:49 AM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

يحيى الشاعر
22-10-2020, 08:24 PM
..




جزَآك آللَه خَيِرآ


علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم


وًجعله فيِ ميِزآن حسًنآتكْ


وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ


الفًردوسَ الأعلى


دمت بحفظ الله



http://www.nalwrd.com/vb/upload/4121nalwrd.gif (http://www.nalwrd.com/vb/upload/4121nalwrd.gif)

نزف القلم
22-10-2020, 10:34 PM
فتح الله عليكِ ابوب رحمته
وانعم الله عليكِ من طيباته
وطهر الله قلبكِ ويسر الله امركِ
جزاكِ الله خير
بارك الله فيك
حفظك الله ورعاكِ ونصركِ واكرمكِ وهداكِ ووقاكِ
اللهم آمين
دُمتي في حفظ الله

مشاعر
24-10-2020, 03:30 AM
جزاك الله خير وجعله بموازين.. حسنااتك..:s_4:

ملكة الحنان
25-10-2020, 03:07 PM
جزاك الله خير الجزاء
رزقك المــــــــولى الجنـــــــــــــة ونعيمـــــها
وجعل ما كُتِبَ في مــــــوازين حســــــــــناتك
ورفع الله قدرك في الدنيــا والآخــــرة

نقطه
25-12-2020, 02:46 PM
https://www.up4.cc/2020-12/160889088182481.gif

احمد الحلو
17-01-2021, 08:34 PM
طرح مميز وانتقاء ثري جُزيت خيرا

جهد مميز ورائع سلمت الايادي

تحياتي القلبية وسوسنتي الحلوة

احمد الحلو

ندووشاا
16-05-2023, 12:17 AM
جَزآكـ الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ

بآرَكـَ الله فيكـِ عَ آلمَوضوعْ

آسْآل الله آنْ يعَطرْ آيآمكـِ بآلريآحينْ

دمْت بـِ طآعَة الله ..}