المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير الربع الثاني من سورة ص


نزف القلم
12-11-2020, 07:53 AM
2. الربع الثاني من سورة ص



• الآية 27:﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا﴾ أي ما خَلَقنا ذلك عَبَثًا ولا لهوًا ﴿ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾ "بسبب ظَنهم الباطل، وكُفرهم بقدرة ربهم على إحياءهم بعد موتهم، رغم أنهم يعلمون أن السماوات والأرض أعظم مِن خَلْقهم".


• الآية 28، والآية 29: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ﴾ بالشِرك والمعاصي؟! ﴿أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾ الخارجين عن طاعة الله؟! فهذان الصنفان لا يستويان عند الله، بل يُنَعِّم سبحانه المؤمنين الأتقياء، ويُعَذِّب المُفسدينالأشقياء، وهذه إحدى الحِكَم مِن خَلْق السماوات والأرض: أنْ يُطاع سبحانه فيهما فلا يُعصَى، وأن يُشكَر فيهما فلا يُكفَر، ثم يُجازِي كُلاًّ في الآخرة بما يستحق.


♦ ولَمّا كانَ لا بد لهم مِن كتاب سماوييوضح لهم العمل الصالح وثوابه، والعمل الفاسد وعقابه، قال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ﴾ يعني: هذا القرآن الكريم هو كتابٌ مبارك "أي كثير الخير والنفع، فبَرَكته لا تفارق مَن يقرؤه ويتدبره ويَعمل به"، وقد أنزلناه إليك أيها الرسول ﴿لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ﴾: أي ليتفكروا فيآياته وأدلته، ويعملوا بأوامره ويجتنبوا نَوَاهيه ﴿وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ يعني: وليَتذكر به أصحاب العقول السليمة ما يَنفعهم فيفعلوه، وما يَضُرّهم فيجتنبوه.


• الآية 30: ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ﴾، فكانَ سليمانُ ﴿نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ أي كانَ يَرجع إلى الله تعالى في كل أموره، (واعلم أنّ الأوّاب: هو الذي كلما أذنبَ تاب، وكلما ذَكَرَ ذنبه استغفر، وقد قال سبحانه عن نفسه: ﴿فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا﴾ أي غفوراً للتائبينَ إليه بصِدق، الراجعينَ إليه في كل وقت).


• الآية 31، والآية 32، والآية 33:﴿إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ﴾: أي اذكر أيها الرسول حين عُرِضَ على سليمان وقت العصر: ﴿الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ﴾ أي الخيول الجيدة السريعة (والصافنات هي الخيول القوية، التي تقف على ثلاث قوائموترفع الرابعة؛ لخِفَّتها)، فما زالت تُعرَض عليه حتى غابت الشمس وفاتته صلاة العصر، ﴿فَقَالَ﴾ سليمان مُعترفاً بخطئه: ﴿إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي﴾: يعني إنني فضَّلتُ حب الخيل عن الصلاة ﴿حَتَّى تَوَارَتْ﴾ أي حتى غابت الشمس عن عيني﴿بِالْحِجَابِ﴾ ﴿وهو الأفق الذي يَحجبها عن أعين الناظرين﴾، ثم قال لجنوده:﴿رُدُّوهَا عَلَيَّ﴾: أي رُدُّوا عليَّالخيل التي عُرِضَتْ مِن قبل ﴿فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ﴾: يعني أخذ يَقطع أرجلها وأعناقها ويُطعِمها للفقراء تكفيراً عن ذنبه، " فهذه أحد مظاهر رجوع سليمان إلى ربه، وسرعة توبته إليه بعد ذنبه، فهو كما وَصَفه ربه: ﴿نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾.


• من الآية 34 إلى الآية 40:﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ﴾ أي ابتليناه واختبرناه ﴿وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا﴾ أي مولوداً له "مَيّتاً مُشَوَّه الخِلقة"، فجاءوا به ووضعوه على كرسي سليمان (وهذا المولود قد وُلِد له حين أقسم أنه سيطوف على نسائه، حتى تأتي كل واحدةٍ منهنّ بفارس يجاهد في سبيل الله، ولم يقل: "إن شاء الله"، فطافَعليهنّ جميعًا، فلم تَحمل منهنّ إلا امرأة واحدة ولدتْ له نصف ولد) "وهذا مُختصَر لحديث مذكور في الصحيحين".


﴿ثُمَّ أَنَابَ﴾: أي رَجَعَ سليمان إلىربه تائباً (لأنه لم يُقَدِّم مشيئة الله تعالى أثناء كلامه)، فـ﴿قَالَ﴾: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي﴾ ﴿وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾: يعني أعطِني مُلكًا عظيمًا خاصًا بي "لا يكونُ مِثلهلأحدٍ بعدي من البشر" ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾: يعني إنك سبحانك كثير الكرم والعطاء، ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ﴾ أي ذلَّلناها له، فكانت ﴿تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً﴾ أي طائعةً "رغم قوّتها وشدتها"، وتتوجه به ﴿حَيْثُ أَصَابَ﴾: يعني حيث أرادَ التوجه "فكانت تحمله بجيوشه وأسلحته إلى حيث يشاء"، ﴿وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ﴾ يعني: وسَخَّرنا له الشياطين ليَستخدمهم فيما يَعْجز عنه غيرهم: فكانَ منهم البناؤون، ومنهم الغوَّاصون في أعماقالبحار لاستخراج اللآلئ،﴿وَآَخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ﴾ أي مُقيَّدينَ بالقيود "وهم الشياطين الذين تمردوا على أمرٍ من أوامره".


♦ وقلنا له:﴿ هَذَا عَطَاؤُنَا ﴾ يعني هذا المُلْك العظيموالتسخير الخاص هو عطاؤنا لك يا سليمان، ﴿ فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾: يعني أعطِ مَا شئتَ مِن مُلْكك لمَن شئتَ، وامنعه عمَّن شئتَ، فلا حسابعليك، ﴿ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى ﴾ أي منزلة عالية ﴿ وَحُسْنَ مَآَبٍ ﴾ يعني: وأعددنا له حُسن المصير فيالآخرة "وهي الدرجات العالية في الجنة".


• الآية 41، والآية 42:﴿وَاذْكُرْ﴾ أيها الرسول خَبَر ﴿عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ﴾ أي حينَ دَعا ربه ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾: يعني إنّ الشيطان قد تسَبَّبَ لي بتعب ومَشَقة،وألم شديد في جسدي، وتسَبَّبَ في فقد مالي وأهلي، (وقد نَسَبَ ذلك للشيطان لكونه سببا في حدوثه، وتأدُّباً مع الله تعالى، كما قال إبراهيم عليه السلام: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾، ولم يقل: "وإذا أمْرَضَني" رغم أنه يَعلم أنّ النفع والضُرّ بيد الله تعالى وحده)، وكَوْن الشيطان سببٌ في ذلك الضر إنما هو بقدَر الله تعالى وإذنه، فقال الله لأيوب:﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ﴾ أي اضرب الأرض برجلك، فخَرَجَ منها ماءٌ بارد، فقال الله له: ﴿هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ﴾ "فاغتسِلْ منه واشرب: يَذهب عنك الضُرّ والأذى".


• الآية 43:﴿وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ﴾ أي: رَزَقناه أولاداً بعدد ما فَقَد "وزِدناه ضِعفهم بنينَوأحفاداً"، وكذلك أعطيناه مالاً كثيراً، (فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أنزل عليه جَرَاداً مِن ذهب) (انظر صحيح الجامع حديث رقم: 2863).


♦ وقد فَعَلْنا ذلك ﴿رَحْمَةً مِنَّا﴾ بأيوب، وإكرامًا له بسبب صبره على البلاء، ﴿وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ يعني: وليكون قدوة وعِبرة لأصحابالعقول السليمة إذا أصابهم البلاء، فيَصبروا مِثله، ويَحتسبوا الأجر عند ربهم، فيَكشف عنهم ضُرَّهم، ويَجزيهم بأحسن الجزاء في جنات النعيم، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.


• الآية 44: ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا﴾ يعني: وقلنا له: "خذ بيدك حُزمة يابسة مِن حشائش الأرض" ﴿فَاضْرِبْ بِهِ﴾: أي اضرب بهذه الحُزمة زوجك ضربةً واحدةً إبرارًا بقَسَمك، ﴿وَلَا تَحْنَثْ﴾ أي لا تُخرج كفارة لهذا القسم"لأنه أقسم أثناء مرضه أنْ يضربها مائة جلدة إذا شفاه الله، لأنه غضب عليها مِن أمْرٍ يسير حصل منها، وكانت امرأة صالحة، فرحمها الله ورحمه بهذه الفتوى"، "وقد ذَكَرَ بعض المفسرين أنّ هذه الحُزمة كان فيها مائة عود، فكانت بمثابة المائة ضربة، عِلماً بأنّ هذه فتوى خاصة من رب العالمين لعبده أيوب عليه السلام"، ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا﴾ على البلاء، ﴿نِعْمَ الْعَبْدُ﴾ أيوب ﴿إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾: أي رَجَّاع إلى ربه، في دعائه وفي كل أمْره، لا يعرف إلا الله.


• الآية 45، والآية 46، والآية 47:﴿وَاذْكُرْ﴾ أيها الرسول في القرآن ﴿عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ﴾ ﴿أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ﴾: يعني إنهم أصحابقوة في طاعة الله، وبصيرة في دينه ﴿إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ﴾: أي اختصهم الله بخصوصيةٍ عظيمة، وهي: ﴿ذِكْرَى الدَّارِ﴾ أي جعلنا ذكرى الدار الآخرة في قلوبهم، فعملوا لهابجد واجتهاد (بما شرعناه لهم من الطاعات)، ودعوا الناس إليها وذكَّروهم بها، ﴿وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ﴾ أي المختارين للرسالة، ﴿الْأَخْيَارِ﴾ (وهُم المُكثرون مِن فِعل الخير) "والأخيار جمع خَيّر".


• الآية 48:﴿وَاذْكُرْ﴾ أيها الرسول في القرآن ﴿إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ﴾ ﴿وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ﴾: يعني إنّ كُلاً منهم من الأخيار (وهم المُكثرون مِن فِعل الخير، الذين اختارهم الله لطاعته ونُبُوّته، واختار لهم أكمل الصفات).

[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرةمن (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذيليس تحته خط فهو تفسير الآية الكريمة.
• واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍيَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذاالأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنىواضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلماتالتي لم يذكرها الله في كتابه "بَلاغةً"، حتى نفهم لغة القرآن.

رامي حنفي محمود

روآية هآدئة
13-11-2020, 04:17 AM
؛


بوركت جهودك النافعه لطرحك القيم وجلبك المميز
ودي وتقديري؛"

ملكة الحنان
13-11-2020, 04:41 AM
يجزاك ربي كل خير
ويسلم ايديك على روعة الطرح
ربي يسعدك ويعافيك

وليد
13-11-2020, 07:40 AM
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك بموازين حسناتك
ويعطيك العافيه ع الموضوع
الرائع
شكرا لك

يحيى الشاعر
21-11-2020, 06:54 PM
..


جزاك الله خيرا
طرح رائع يحمل الخير بين سطوره
ويحمل الابداع في محتواه
سلمت يمينك
دمت بكل خير

http://www.nalwrd.com/vb/upload/4183nalwrd.gif (http://www.nalwrd.com/vb/upload/4183nalwrd.gif)

أمير المحبه
21-11-2020, 10:30 PM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

الوسيم
23-11-2020, 07:18 PM
موضوع رائع ومميز
طرحت فابدعت دمت ودام عطائك
سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته لنا
اعذب التحايا لك

غرام الشوق
26-11-2020, 02:28 PM
بآرگ الله فيگ على الطرح القيم
وجزآگ الخير كله .. واثابگ ورفع من قدرگ
ووفقگ الله لمايحبه ويرضاهـ
دمت بگل خير وسعادهـ..~

سيف ذيزن
28-11-2020, 10:35 AM
تسلم الايااااادي طرحتم فأبدعتم ..
جلب جميل جدا و راااائع ..
دمتم ودام عطائكم ... الله يعطيكم العافية ..
جزاكم الله خير الجزاء .. بأنتظار جديدكم المميز ..
لكم خالص مودتي . .
تقبلوا .. تحياتي

نقطه
31-12-2020, 01:07 PM
https://www.up4.cc/2020-12/160889088182481.gif

احمد الحلو
19-01-2021, 11:38 PM
طرح مميز وانتقاء ثري جُزيت خيرا

جهد مميز ورائع سلمت الايادي

تحياتي القلبية وسوسنتي الحلوة

احمد الحلو

ندووشاا
08-06-2023, 10:20 AM
جزاك المولى الجنه
وكتب الله لك اجر هذه الحروف
كجبل احد حسنات
وجعله المولى شاهداً لك لا عليك
لاعدمنا روعتك
ولك احترامي وتقديري