المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير الربع الأخير من سورة الروم


نزف القلم
13-12-2020, 03:27 AM
الربع الأخير من سورة الروم




• الآية 46: ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ ﴾ الدالة على قدرته سبحانه، وإنعامه على عباده، وأنه الإله الحق الذي يجب أن يُعبَد ولا يُعبَد غيره: ﴿ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ ﴾ ( التي تُحَرِّك السحاب )، لتكونَ ﴿ مُبَشِّرَاتٍ ﴾ أي تُبَشِّر العباد بقُرب نزول المطر ﴿ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ ﴾ بإنزال المطر الذي تحيا به البلاد والعباد، وتحصل به سعة الرزق والرخاء ﴿ إذ المطر تحيا به مَزارع الناس، فيتوفر لهم غذائهم وتجارتهم ﴾ ﴿ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ ﴾ أي تجري السفن في البحر بواسطة هذه الرياح الطيبة ﴿ بِأَمْرِهِ ﴾ أي بأمر الله ومشيئته ( لأن الرياح قد تكونُ عاصفةً فتُغرِق السُفُن )، ﴿ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ﴾ أي: لتطلبوا رِزقَ ربكم بالتجارة في البحر ( عن طريق نقل البضائع على السفن من بلدٍ إلى آخر ) ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ أي: لتشكروا ربكم على هذه النعم العظيمة فتعبدوه وتُطيعوه ولا تُشركوا به.


• الآية 47: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ ﴾ - أيها الرسول - ﴿ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ ﴾ ليدعوهمإلى التوحيد، ويُبَشِّروا المُوَحّدين بالجنة، ويُحَذِّروا المشركين من النار ﴿ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ﴾: أي جاؤوا أقوامهم بالمعجزات والبراهين الدالة على صِدقهم، فكَفَرَأكثر القوم وكَثُرَ إجرامهم ﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ﴾ بأنواع العذاب والإهلاك - ومنها الهَلاك بالريح ( التي جعلها الله نعمةً لأولياءه ونِقمةً على أعداءه ) - ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.


• الآية 48، والآية 49، والآية 50: ﴿ اللَّهُ ﴾ سبحانه هو ﴿ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ ﴾ أي يُنشئها ثم يَبعثها إلى السحاب ﴿ فَتُثِيرُ سَحَابًا ﴾ أي تُحَرِّك سحاباً مُثقلاً بالماء، ﴿ فَيَبْسُطُهُ ﴾ أي يَنشر سبحانه السحاب ﴿ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾ ﴿ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا ﴾ أي يجعله قطعًا متفرقة، ﴿ فَتَرَى الْوَدْقَ ﴾ أي المطر ﴿ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ﴾ أي مِن بين السحاب ليَحصل به الانتفاع، ﴿ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ ﴾: يعني إذا ساقَ اللهُ المطر إلى ﴿ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ أي يفرحون بنزول المطر عليهم، ﴿ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ ﴾ أي يائسينَ بسبب امتناعه عنهم، ( واعلم أنّ إعادة لفظ: ﴿ مِنْ قَبْلِهِ ﴾ للتأكيد على شدة اليأس الذي استولى عليهم قبل نزول المطر )،﴿ فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ ﴾: أي انظر متأملاً إلى آثار المطر في النبات والزروعوالشجر ﴿ كَيْفَ يُحْيِي ﴾ به الله ﴿ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾ فيُنبتها ويُحييها؟ ﴿ إِنَّ ذَلِكَ ﴾ أي الذي قَدَرعلى إحياء هذه الأرض ﴿ لَمُحْيِي الْمَوْتَى ﴾ من قبورهم يوم القيامة، ﴿ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ لا يُعجزه شيء.


• الآية 51، والآية 52، والآية 53: ﴿ وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا ﴾ على زروعهم ﴿ رِيحًا ﴾ مُفِسدة ﴿ فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا ﴾ أي: فرأوا نباتهم قد فسد بتلكالريح، فصار من بعد خُضرته مُصفَرًا: ﴿ لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ ﴾ - أي من بعد رؤيتهم لهذا النبات الذي فسد - ﴿ يَكْفُرُونَ ﴾ أي يجحدون نعم الله السابقة عليهم ويقولون ألفاظ السخط وعدم الرضا.
♦ فلا تَحزن أيها الرسول على عِنادهم﴿ فإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى ﴾ أي لا تَقدر على إسماع مَن طَبَعَ الله على قلوبهم فأماتها ﴿ بسبب تراكُم الشرك والمعاصي عليها، وبسبب حُبِّهم لتقليد آباءهم، رغم وضوح الحُجَج وإقامتها عليهم ﴾، ﴿ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ ﴾ يعني إنك لا تَقْدر على إسماع الصُمّ ( الذين فقدوا حاسة السمع )، فكذلك أنت لا تقدر على هداية هؤلاء المشركين - إلا أن يشاءالله هدايتهم - لأنهم كالصُمٌّ، حيثُ لا يسمعونك سماعَ تدبُّر وانتفاع، وخصوصًا ﴿ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ﴾ يعني إذا كانوا مُعرِضينَ عنك ﴿ وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ ﴾ يعني لن تهدي مَن أعماه الله عن الهدى والرشاد، بسبب الكِبر والعناد،﴿ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا ﴾ أي لا يُمْكنك أن تُسمِع إلا مَن يُصَدِّق بآياتنا ﴿ فَهُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ أي مُستجيبونَ لِمَادَعَوتَهم إليه، منقادونَ للحق، غير مُتَّبعين لأهوائهم وشهواتهم.


• الآية 54: ﴿ اللَّهُ ﴾ سبحانه هو ﴿ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ﴾ أي خَلَقكم من ماءٍ ضعيف، وهو النطفة، وكذلك كنتم ضِعافاً حال طفولتكم، ﴿ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ﴾ أي جعل من بعد ضعفالطفولة: قوة الشباب ﴿ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ﴾ أي جعل من بعد قوة الشباب: ضعف الكبر والشيخوخة، ﴿ يَخْلُقُ ﴾ سبحانه ﴿ مَا يَشَاءُ ﴾ من مراحل الضعف والقوة ﴿ وَهُوَ الْعَلِيمُ ﴾ بأحوال خلقه، ﴿ الْقَدِيرُ ﴾ على إحياءهم بعد موتهم ( إذ القادر على إيجادهم من العدم ثم رَدِّهم إلى حال الشيخوخة بعد قوة الشباب: قادرٌ على بَعْثهم بعد الموت ).

• الآية 55: ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ ﴾ - ويَبعث اللهُ الخلق من قبورهم -: ﴿ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ﴾: أي يُقسِمون أنهم ما مَكَثوا فيالدنيا غير فترة قصيرة من الزمن، ﴿ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ ﴾: يعني إنهم كما صُرِفوا عن معرفة مُدّة مُكثهم في الدنيا، فكذلك كانوا يُصرَفون في الدنيا عن الإيمان بالبعث والجزاء ( بسبب عِنادهم وإصرارهم على شِركهم ).

• الآية 56: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ ﴾ - وهُم الملائكة والأنبياء والمؤمنون - يقولون لهؤلاء المشركين الذين كذبوا في قَسَمهم: ﴿ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾: يعني لقدمَكَثتم - فيما كتبه الله في اللوح المحفوظ - منذ أن خُلِقتم ﴿ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ ﴾ وهو يوم القيامة، ﴿ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ ﴾ ﴿ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ أنّ وَعْدَ الله حق.


• الآية 57: ﴿ فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ ﴾: أي لا تنفع أعذار الظالمين أمام ربهم ﴿ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾: أي لا يُطلب منهم العُتبَى ( وهو إرضاءربهم بالتوبة والعمل الصالح )،فقد فاتَ أوانُ ذلك، ﴿ فاذكر هذا لقومك أيها الرسول، لعلهم يتوبون فينجوا ﴾.

• الآية 58: ﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا ﴾ أي بَيَّنَّا ﴿ لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ﴾ يعني أنواعًا كثيرة من الأمثال والأدلة﴿ مِن أجل إقامة الحُجّة عليهم وإثباتوحدانية الله تعالى وحقيقة البعث بعد الموت ﴾، ﴿ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ ﴾ - أيها الرسول - ﴿ بِآَيَةٍ ﴾ تدل على صِدقك: ﴿ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾: ﴿ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ ﴾ يعني: ما أنتم - يا محمد وأتْباعك - إلا كاذبون، تحاولون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا، وتُبطِلوا عبادتنا لأصنامنا.

• الآية 59: ﴿ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ يعني: وكما ختم الله على قلوب هؤلاء المشركين ( لإصرارهم على الشرك )، فكذلك يطبع سبحانه على قلوب الذين لا يعلمون، ولا يعملون على إزالة جهلهم، بل أحَبّوا البقاء في الجهل والضلال، ( وفي هذا دليلٌ على أهمية طلب العلم ).

• الآية 60: ﴿ فَاصْبِرْ ﴾ - أيها الرسول - على تكذيب قومك وإيذائهم لك، فـ ﴿ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ ﴾ بنصرك عليهم ﴿ حَقٌّ ﴾ ( كما حدث في فتح مكة )، ﴿ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ ﴾ أي لا يَستفزَّنَّك ﴿ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ﴾ بالبعث والجزاء عن ترْك الحلم والصبر وتبليغ الدعوة.

وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرةمن (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذيليس تحته خط فهو تفسير الآية الكريمة.
• واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍيَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذاالأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنىواضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلماتالتي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.
رامي حنفي محمود

غرام الشوق
13-12-2020, 04:14 AM
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك بموازين حسناتك
ويعطيك العافيه ع الموضوع
بنتظارجديدك الراقي بكل شوق
تحياتي وعطر وردي
:wahjj.1:

وليد
13-12-2020, 05:39 AM
موضوع قيم
وجعل كل ماطرح في ميزان حسناتك
جزاك الله خير.

سيف ذيزن
13-12-2020, 10:33 AM
جزاك الله خيرا وبارك بك
لهذا الجلب الطيب
وهذا العطاء المفعم بالخيرات
تقديري لجهودك الدائمة
دمت بمرضاة الله ..

ملكة الحنان
13-12-2020, 01:52 PM
جزاك الله كل خير

طرح مفصل للايات
الله مايحرمنا من عطائك ومواضيعك الرائعة والجميله

أمير المحبه
13-12-2020, 02:37 PM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

المحترف
19-12-2020, 02:16 PM
اسأل الله العظيم
أن يرزقك الفردوس الأعلى من الجنان.
وأن يثيبك البارئ خير الثواب .
دمت برضى الرحمن

أوتآر هآدئه
20-12-2020, 11:30 AM
..


,‘*..
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض
بآرك الله فيك على الطَرح القيم و في ميزآن حسناتك ,,
آسأل الله أن يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمتـمّ بـِ طآعَة الله

نقطه
31-12-2020, 01:22 PM
https://www.up4.cc/2020-12/160889088182481.gif

احمد الحلو
19-01-2021, 11:51 PM
طرح مميز وانتقاء ثري جُزيت خيرا

جهد مميز ورائع سلمت الايادي

تحياتي القلبية وسوسنتي الحلوة

احمد الحلو

ندووشاا
08-06-2023, 05:19 PM
جزاك المولى الجنه
وكتب الله لك اجر هذه الحروف
كجبل احد حسنات
وجعله المولى شاهداً لك لا عليك
لاعدمنا روعتك
ولك احترامي وتقديري