المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العفة والطهارة


وليد
06-01-2021, 01:13 AM
العفة والطهارة

الحمد لله، الحمد لله ليس لفضله منتهى، ولا لعظمته مدى، ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى * وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [طه: 5 - 8]، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ﴾ [النجم: 31]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى، ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى ﴾ [طه: 53]، وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله، ومصطفاه وخليله، أنار القلوب وهداها، وعلَّم العقول ووَعَّاها، وطهَّر النفوس وزكَّاها، وهذَّب الأخلاق ورقَّاها، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله السادة النجباء، والصحب الكرام الشرفاء، والتابعين ومن تبِعهم بإحسان، وكل مَن سار على نهجهم واقتفى، وسلم تسليمًا كثيرًا.


أما بعد:
فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله رحمكم الله، واطلبوا الكرامة في التقوى، والأُنس في كتاب الله، والغِنى في القناعة، والنجاة في الصدق، والراحة في ترك الحسد، والسلامة في حفظ اللسان، وثِقَلَ الميزان في حُسن الخلق، ونِعْمَ الصاحب العمل الصالح، يا عبدالله، ارْضَ بما قسم الله تَكُنْ أغنى الناس، واجتنب محارم الله تكن أوْرَعَ الناس، وأدِّ ما فرض الله تكن أعبد الناس؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 28].

معاشرَ المسلمين الكرام:
يُروى أن شابًّا كان ذا عبادة ووَرَعٍ، حريصًا على صلاة الجماعة، يُلازم المسجد كثيرًا، وكان حَسَنَ السَّمْتِ، وَسِيمَ الوجه، مَمْشوق الجسم، فنظرت إليه امرأة ذاتُ مال وجمال فتعلَّقت به، فلمَّا عظُم بها الحال، وقفت له على طريقه، ثم قالت له: اسمع مني ما أقول، ثم افعل ما بدا لك، فقال لها على الفور: هذا موضعُ تُهمةٍ، وأنا أكره أن أكون للتهمة موضعًا، فقالت له: والله ما وقفت موقفي هذا جهالةً مني بأمرك، وأنتم معاشر العباد في مثل صفاء القوارير، أيُّ شيء يُعيبها، إلا أن قلبي وعقلي وجوارحي كلها مشغولة بك، فاللهَ اللهَ في أمري، فمضى الشاب إلى منزله، فلما أراد أن يصلي لم يعقِلْ كيف يصلي، فأخذ قِرطاسًا وكتب كتابًا، ثم خرج من منزله، فإذا بالمرأة واقفة في موضعها، فألقى إليها الكتاب ثم رجع إلى منزله، وكان قد كتب في الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم، اعلمي أيتها المرأة، أن الله تبارك وتعالى إذا عُصيَ حَلُمَ، فإذا عاود العبد المعصية سَتَرَهُ، فإذا لبِس لها ملابسها غضِب الجبار عز وجل لنفسه غضبةً تضيق منها السماوات والأرض، فمن ذا يطيق غضبه؟ فإن كان ما تريدينه باطلًا، فإني أُذكِّركِ يوم تكون السماء كالمُهل، وتصير الجبال كالعِهْنِ، وعَنَتِ الوجوه للحي القيوم، وجَثَتِ الأُممُ لصَوْلَةِ الجبار العظيم، وإني والله قد ضعُفت عن إصلاح نفسي، فكيف بإصلاح غيري؟ وإن كان ما تريدينه حقًّا، فإني أدلُّكِ على طبيب عليم بالعِلَلِ كلها، وما من داء إلا وله عنده دواء، ذاك هو رب العالمين، فاقْصِديه على صدق المسألة، فإني متشاغل عنكِ بقوله عز وجل: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 18، 19]، فأين المهرب من هذه الآية؟ أوصيكِ بحفظ نفسكِ من نفسكِ، وأُذكِّركِ قولَ الله عز وجل: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ﴾ [الأنعام: 60].

هكذا يا عباد الله، فالعفاف والعِفَّةُ هي صفة الأنبياء، وحِلْيَةُ العلماء، ودِرْعُ العُبَّاد والصُّلَحاء، هي تاج الفضيلة، وسِوارُ المروءة، وخَاتَمُ التقوى، العفة - يا عباد الله - سلطان من غير تاج، وغِنًى من غير مال، وقوة من غير رجال، العفة خَصْلة كريمة، وصفة نبيلة، هي عنوان الأُسَرِ الكريمة، ودليل التربية الصالحة القويمة، وهي من مُوجبات ظل عرش الرحمن، يوم لا ظل إلا ظله؛ كما في حديث السبعة، ومنهم ((رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله)).

العفة برهان على صدق الإيمان، وطهارة النفس، وحياة القلب، وهي عز الحياة وشرفها، بها تحصُلُ النجاة من عواقب المعصية، وحَسَراتِ الدنيا والآخرة، العفة والعفاف المُنسلِخ منها ضالُّ المذهب، خبيث المَرْكَبِ، قذر المَشْرَبِ، موصوف بأقبح الأوصاف وأسوء النُّعوت، الخزيُ يلاحقه، والعذاب يطرُقُه، ﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الحجر: 72]، سكِروا بحب الفاحشة فلا يخشَون لومًا، وانتكست فِطَرَهم فلا يخافون ذمًّا، وجفَّ حياؤهم فلا يبالون جُرْمًا، ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الحجر: 73 - 77]، فيا سعادة من عفَّ! ويا فوز من كفَّ! ويا هَناءة من غضَّ الطَّرْف! طُوبى لمن حفِظ فرجَهُ، وصان عِرضه، وأحصن نفسه؛ فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((مَن يضمن لي ما بين لَحْيَيْهِ وما بين رجليه، أضمن له الجنة))؛ [البخاري]، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا شباب قريش، احفظوا فروجكم، لا تزنوا، ألا من حفظ فرجه فله الجنة))، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سبعةٌ يُظِلُّهم الله في ظِلِّهِ يوم لا ظلَّ إلا ظله، فعدَّ منهم: ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله))؛ [متفق عليه].

العفة - أيها المؤمنون - كفُّ النفس عما لا يحِلُّ ولا يجمُلُ، وضبطها عن الشهوات المحرمة، وقصرها على الحلال، مع القناعة والرضا، إنها خلق زكيٌّ، ينبُتُ في روض الإيمان والهدى، ويُسقى بماء الحياء والتقوى، إنها سمو النفس على الشهوات الرذيلة، وترفُّعُ الهمة عن الرزايا الوبيلة، ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 10، 11]، إنها جنة وكرامة؛ لأن العفيف كريم على الله حيث أكرم نفسه في الدنيا عن الدنايا، فأكرمه الله في الآخرة بأعلى الدرجات وأحسن العطايا؛ وفي صحيح مسلم لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أهل الجنة، قال: ((منهم عفيف مُتعفِّفٌ))، وفي الحديث الصحيح: ((من اتقى الشبهاتِ، فقد استبرأ لدينه وعِرضه))، و((لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يَدَعَ ما لا بأس به؛ حذرًا مما به البأس))، ((ألا وإن لكلِّ ملكٍ حمًى، ألا إن حمى الله محارمه))، والعفة والعفاف سبب إجابة الدعاء وتجاوز الأخطار؛ كما ورد في حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة فسدَّت فَمَ الغار، وحين تُعرَض القصص، فإن أحسنها قصة الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن خليل الله؛ يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل صلوات الله عليهم جميعًا؛ حيث يكون العفاف في أجمل حُلَلِهِ، إنه موقف تتهاوى فيه عزائم الرجال الأشداء، فضلًا عن فتًى غريبٍ نائي الأهل والديار، تراوده امرأة فاتنة، وهو مملوك في بيتها، ﴿ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23]، ألا ما أعظمها من كلمة: معاذ الله؛ أي: يا رب، أعِذْني واحفظني من هذه الفتنة، فقال الله: ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف: 24]؛ فالدعاء الصادق - يا عباد الله - من أهم وسائل اكتساب العفة، وذلك بأن يُكثِرَ الإنسان ويُلِحُّ على الله تعالى أن يرزقه العفاف؛ فقد قال تعالى عن دعاء يوسف عليه السلام: ﴿ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [يوسف: 33، 34]، وكان من دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: ((اللهم إني أسألك الهدى والتُّقى والعَفاف والغِنى))، والعفة في حقيقتها - يا عباد الله - هي مراقبة الله تعالى وخوفه، ومن راقب الله في خواطره، عَصَمَهُ في حركات جوارحه، ومن طلب المكارم، تجنب المحارم؛ ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 40، 41].

ثم إن الحياة الكريمة الطاهرة - يا عباد الله - تحتاج إلى عزائم الأخيار، وإرادة الرجال، وأما عَيش الخَنا والرذيلة فطريقها سهل الانحدار، وإن البيوت التي تُظلِّلها العفة والحِشمة، تُورِق بالعز والكرامة، وتُرفرف عليها الطمأنينة والسعادة، ويغمُرُها الأنس والسكينة؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، أما البيوت التي يملأها الخَنا والمنكرات، فسيخنقها الذل والهوان، وتعصف بها رياح التَّشَتُّتِ، وتمزقها أعاصير الأنانية، أبى الله إلا أن يذلَّ من عصاه؛ ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124]، وما سعد مَن سعد في الدنيا والآخرة إلا بامتثال أوامر الله عز وجل، وما شقِيَ من شقيَ في الدنيا والآخرة إلا بتضييع أوامر الله عز وجل؛ ولذا أمر الله تعالى بوقاية النفس والأهل من النار التي وقودها الناس والحجارة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن كل راعٍ مسؤول عن رعيته.

وحين يقوم سوق الفتن على أشُدِّهِ، وتكثر دواعي الانحراف، ويسهل الوصول إليه، فإن المسلم المُوفَّق يستعلي عن مقارفة الفواحش، ويسمو عن الولوغ في مستنقعات الشهوات المحرمة، ويربأ بنفسه ويصونها عن الأقذار والأقذاء، ويجنِّبها ما لا يحل وما لا يجوز، ومتى استسلم المرء لنوازع الشهوة وحَمَأةِ الغريزة، وانحدر وراء اللذة المحرمة، فقد تردَّى في مستنقع البؤس والشقاء، وخرَّ في دَرَكَاتِ الضياع والتِّيهِ، وهوى في حضيض الانحلال والضلال؛ ﴿ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا ﴾ [النساء: 38]:
عُفُّوا تَعُفُّ نساؤكم في المَحرَمِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وتجنبوا ما لا يليق بمسلمِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

إن الزنا دَينٌ فإن أقرضته https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كان الوفا من أهل بيتك فاعلمِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

من يَزْنِ يُزْنَ به ولو بجداره https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إن كنت يا هذا لبيبًا فافهمِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ويا فوز المستغفرين!

الخطبة الثانية

الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه؛ أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن الحديث عن صيانة الأعراض، وتزكية النفوس، وتطهير الأخلاق، وتنمية دواعي العفة والطهارة - ليست شعارات عاطفية، أو مجرد كمالات خُلُقية، إنها أصلُ تماسكِ المجتمع، وأساس بقائه، ومقصد عظيم من مقاصد الشرع الحنيف، انظر كيف قرنها الله سبحانه مع التوحيد في آية واحدة؛ فقال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴾ [الفرقان: 68، 69]، وها هو العالم المنفتح على الشهوات، والمتحلل من الفضيلة، يئِنُ تحت وطأة الأمراض المُهلِكة، والأوبئة الفتَّاكة، ويعاني من التشتت الاجتماعي، والتفكك الأسري، والتحلل الأخلاقي، كما تشكو نساؤه وأطفاله من الاغتصاب وتجارة الرذيلة، والتي باتت تنافِسُ تجارة الأسلحة والمخدرات، بل فاقتها بمراحل كثيرة، فهل هذه حرية أو فوضى عارمة دمرت نسيجهم الاجتماعي، وتآلفهم الأسري، وأمنهم العائلي، حتى بات الانتحار والمخدِّرات أمرًا لا يُستغرَب عندهم، ولضمان سلامة المجتمع المسلم من هذه المآسي، جاءت الشريعة الغرَّاء بما يكفُلُ تهذيب هذه الحرية الأخلاقية، وضمان الأمن النفسي والاجتماعي، وفي الكتاب العزيز والسنة المطهرة آداب شتَّى للنظر والاستئذان، والتستر والزينة، وسفر المرأة وخَلْوَتها، وعودة الرجل إلى بيته، وموقف المرأة من أقاربها وأقارب زوجها، وحق الوالدين وحقوق الأولاد، وآداب الاستماع، والنهي عن الظن، وعن الاطلاع على عورات البيوت وتتبُّعِ العَثَرات، وهي آداب مُفصَّلة يجب على المسلمين أن يلتزموها، وأن يُربُّوا أهاليهم عليها؛ ذلك أن من أعظم مقاصد الشريعة إقامة المجتمع الآمن الطاهر المستقر، المحاط بسياج من الأخلاق الرفيعة، والمُحصَّن بالعفة والحشمة والحياء، وحيث إن أعظم أبواب الشر وأول مداخل الشيطان هو إطلاق البصر والاختلاط؛ لذا فقد شدد الشارع الحكيم في مسائل الستر والحجاب، والقرار في البيوت، والأمر بغض البصر للرجال والنساء؛ قال الحق سبحانه: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ [النور: 30، 31]، ويتأكد هذا التوجيه الرباني في الأمر بغض البصر يوم يخلو العبد مع هذه الأجهزة المملوءة بالمناظر المحرمة، والمقاطع القبيحة، فالموفَّق من عباد الله من راقب نظراته، وحرص على حفظ بصره، مستحضرًا وصية حبيبه صلى الله عليه وسلم لابن عمه علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ((يا عليُّ، لا تُتْبِعِ النظرةَ النظرةَ؛ فإنما لك الأولى، وليست لك الأخرى))، ولقد بشَّر رسولنا الكريم من تعفَّف، واتصف بنقاوة القلب وطهارة النفس، أن يجعل الله غِناه في قلبه، وأن يرزقه انشراحًا وسعادة، ويقينًا وحلاوة، وأن من ترك شيئًا لله، عوَّضه الله خيرًا مما فاته أضعافًا مضاعفة؛ وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة، ثم يغض بصره، إلا أخلف الله له عبادة يجد حلاوتها))؛ فاتقوا الله عباد الله، وتمسكوا بهَدْيِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، واهتدوا بهديه، وخذوا من مِشْكاته - تسعدوا في الدارين.

ساهر
06-01-2021, 01:16 AM
بارك الله فيك ونفع بِك ..
على طرح موضوعك القيم
وأسلمت الايادي ويعطيك العافيه
تقديري مع احترامي.

راعي الطيب
06-01-2021, 11:33 PM
إنتقاء ثري بالذائقه
سلمت يداك لروعة الانتقاء
لاَحُرِمنَآ عَطآئِكْ
لروحك جنآئن الورد

ملكة الحنان
07-01-2021, 01:10 AM
جزاك الله كل خير
وجعله بميزان حسناتك لك شاهد خير
وسلمت على روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا روعه مواضيعك

أمير المحبه
08-01-2021, 03:24 AM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

لگ وٌحًہْشًُـًًًـُهًہ ♔
17-01-2021, 07:22 PM
يعطيك العافية
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك
... لك مني أجمل تحية .

أسد
17-01-2021, 07:35 PM
موضوع رائع ومجهود سخي

جعله الله في ميزان حسناتك

احمد الحلو
17-01-2021, 10:16 PM
طرح مميز وانتقاء ثري جُزيت خيرا

جهد مميز ورائع سلمت الايادي

تحياتي القلبية وسوسنتي الحلوة

احمد الحلو

ابو الملكات
18-01-2021, 05:37 PM
جزاك الله خير ورحم والديك وانار قلبك وعقلك بنور الايمان وجعل عملك هذا في ميزان حسناتك وجعل الجنة مثواك امين يارب

الاسير
19-01-2021, 07:17 PM
بارك الله فيك ونفع بِك ..
على طرح موضوعك القيم
تقديري مع احترامي.

عاشق الغاليه
23-02-2023, 02:39 AM
دائماً لمساتك في القمة بها الابداع
والتميز الراقي تسحرعيون من يدخلها
فلقد استمتع ناظري هنا وعجزت
عن التعبير فماذا اقول لك غير أسعد
الله قلبك وفي طرحك الراقي
اراح الله قلبك و اسعدك

عاشق الغاليه
23-02-2023, 02:40 AM
دائماً لمساتك في القمة بها الابداع
والتميز الراقي تسحرعيون من يدخلها
فلقد استمتع ناظري هنا وعجزت
عن التعبير فماذا اقول لك غير أسعد
الله قلبك وفي طرحك الراقي
اراح الله قلبك و اسعدك

ندووشاا
21-05-2023, 06:29 PM
جزاك الله خير الجزاء .. ونفع بك ,, على الطرح القيم
وجعله في ميزان حسناتك
وألبسك لباس التقوى والغفران
وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل الا ظله
وعمر الله قلبك بالأيمان
على طرحك المحمل بنفحات ايمانيه
سررت لتواجدي هنا في موضوعك
لا عدمناك