حكي أن الحجاج ابن يوسف الثقفي ، كان يطلب رجلا من الأكابر وكان يتهمه بشيء لم يفعله الرجل ، ولم يصدق الحجاج بحجى الرجل المظلوم ، فلما حضر الرجل بين يديه ، قال له اي يا عدو الله ، كيف فعلت كذا وكذا ، لم يستمع للرجل وهو يقول بأنه لم يفعل شيء ، فقال الحجاج احملوا الرجل الى السجن ، وقيدوه بقيد ضيق جدا ، ولا يدخل ولا يخرج عليه احد ، ةوبعدها ابنوا عليه بيتا ليظل فيه للابد .
اخذه الحارس الى السجن ، واحضر الحداد والق يديه ، وصنع عليها سلسلة ، وكان الحداد اذا ضرب بمطرقته يرفع الرجل راسه و ينظر الى السماء ، ويقول ألا له الخلق والأمر ، فلما فرغ منه بني السجان عليه البيت ، وتركه فيه وحيدا فريدا بداخله الرجل وعلى وجهه ذهول ولسان حاله ينشد ويقول :
يا مراد المريد انت راضي وعلى فضلك العميم واعتمادي ..
ليس يخفى عليك ما انا فيه من ظلم …
لحظه منك بقيت واقتصادي..
ان اكون مفردا فذكرك انسى اذا منعت القاضي..
وكن يا رب راضيا ..
انت تدري بما ترى في فؤادي يا ربي وحالي ..
فلما جاء السجان اليوم التالي ، لم يجد الرجل في محبسه والبيت الذي بناه فوقه ووجد الحديد على الارض ، بحث عنه فلم يجده لم يدري الحارس ، فالرجل ليس في المكان والبيت الذي صنعوه له وحتى القيد قد فكه ، فخاف السجان و ايقن بالموت وخاف من الحجاج بن يوسف ، فأحضر كفنه ومسك تعطير الميت فصار الى منزله وودع اهل جميعا ، ودخل على الحجاج فلما وقف بين يديه ، شم رائحه غريبه رائحة تعطير اجساد الموتى ، فقال ما هذا قال يا مولاي انا جئتك بكفني ومسك تكفيني وعطري ، فاخبره الرجل بما حدث لقد اختفى الرجل من الزنزانه والبيت ولا يعرف كيف حدث ما حدث ،ـ ولا يعرف كيف يتصؤف .
فقال الحجاج بن يوسف هل سمعته يقول شيء قال ، نعم كان اذا ضرب الحداد بالمطرقه كان ينظر الى السماء ويقول ألا له الخلق والأمر ، قال الحجاج بن يوسف او ما علمت يا رجل ان الذي ذكره قادر على فك أسره ، وانت غائب فهو ناصر المظلوم ولو بعد حين ،
يا رب كم من بلائك قدحت به عني..
ولا كلام اقعد ولا اقدر ..
فكم وكم من أمور تقف معي وتنصرني فيها بقدرتك .
مماقرأت