يوجد على الدّوام في أعماق قلب الإنسان نقطة نورانيّة، عبارة عن: (نور التّوحيد) كامنة فيه، وهي الّتي توصله إلى عالم ما وراء الطّبيعة وتربطه به، وتُعدّ أقرب الطّرق لارتباط البشر بالله (عزّ وجلّ)، لكن عندما تُلْقى الغشاوة على هذا الفؤاد بسبب الآداب والعادات الخرافيّة، والتّلقين الغير صحيح، والتّعاليم الخاطئة والغرور ووفور النّعمة، فإنّ الحوادث وطوفان البلاء يمكنه تمزيق هذه الغشاوة فيتجلّى النّور عندئذٍ ويظهر، ويستيقظ الإنسان من غفلته ويتوّجه إلى العالم الرّوحاني، فيرى خالقه في روحه وقلبه.
يقول تعالى: ﴿ فَإِذَا رَكِبُواْ فِي الْفُلْكِ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [11] .
يروى عن الحسن بن عليّ بن محمّد في قول الله (عزّ وجلّ): بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، فقال: هو الله الّذي يتألّه إليه عند الحوائج والشّدائد كلّ مخلوق عند انقطاع الرّجاء من كلّ من دونه، وتقطع الأسباب من جميع من سواه، تقول: بِسْمِ اللهِ، أي أستعين على أموري كلّها بالله، الّذي لا تحقّ العبادة إلاّ له، والمغيث إذا استغيث، والمجيب إذا دعي، وهو ما قال رجل للصّادق (عليه السّلام): يا ابن رسول الله، دلّني على الله ما هو؟ فقد أكثر علَيَّ المجادلون وحيّروني، فقال له: يا عبد الله، هل ركبت سفينة قط؟ قال: نعم، فقال: هل كسرت بك، حيث لا سفينة تنجيك، ولا سباحة تغنيك؟ قال: نعم، قال: فهل تعلّق قلبك هنالك أن شيئًا من الأشياء قادر على أن يخلّصك من ورطتك؟ قال: نعم، قال الصّادق (عليه السّلام): فذلك الشّيء هو الله القادر على الإنجاء حيث لا منجي، وعلى الإغاثة حيث لا مغيث [12] .